وتطلق على يوم القيامة كما هنا في هذه الآية لدلالة القرآن على ذلك، من ذلك قوله تعالى في نفس المعنى: * (يوم ينظر المرء ما قدمت يداه ويقول الكافر ياليتنى كنت ترابا) *.
والقرائن في الآية منها: اكتنافها بالحث على تقوى الله قبله وبعده.
ومنها: التذييل بالتحذير في قوله: * (إن الله خبير بما تعملون) * أي بالمقاصد في الأعمال وبالظواهر والبواطن، ولأن يوم القيامة هو موضع النسيان، فاحتاج التنبيه عليه.
ويكون التعبير عن يوم القيامة بغد لقرب مجيئه وتحقق وقوعه كقوله تعالى: * (اقتربت الساعة وانشق القمر) *، وقوله: * (ومآ أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب إن الله على كل شىء قدير) *.
ومن ناحية أخرى، فإن الغد لكل إنسان بمعنى يوم القيامة يتحقق بيوم موته، لأنه يعاين ما قد قدم يوم موته، وقد نكر لفظ نفس وغد هنا، فقيل في الأول لقلة من الناظرين، وفي الثاني لعظم أمره وشدة هوله.
وهنا قد تكرر الأمر بتقوى الله كما أسلفنا مرتين، فقيل للتأكيد، قاله ابن كثير، وقيل للتأسيس، قاله الزمخشري وغيره.
فعلى أنه للتأكيد ظاهر وعلى التأسيس يكون الأول لفعل المأمور والثاني لترك المحظور، مستدلين بمجيء موجب الفعل أولا * (ولتنظر نفس ما قدمت) *، ومجئ موجب التحذير ثانيا * (إن الله خبير بما تعملون) *.
وهذا وإن كان له وجه، ويشهد للتأكيد قوله تعالى: * (اتقوا الله حق تقاته) * وإن كانت نسخت بقوله: * (فاتقوا الله ما استطعتم) * فيدل لمفهومه قوله: * (وءاخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وءاخر سيئا) * أي بترك بعض المأمور، وفعل بعض المحظور.
وعليه فلا تتحقق التقوى إلا بمراعاة الجانبين، ولكن مادة التقوى وهي اتخاذ الوقاية مما يوجب عذاب الله تشمل شرعا الأمرين معا لقوله تعالى في عموم اتخاذ الوقاية * (قوا