العموم في قوله تعالى: * (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) *، وقوله: * (ليس على الا عمى حرج ولا على الا عرج حرج ولا على المريض حرج) * وقوله تعالى: * (ربنا لا تؤاخذنآ إن نسينآ أو أخطأنا) *.
وجاء الحديث ففرق بين عموم النهي في قوله صلى الله عليه وسلم: (ما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم، وما نهيتكم عنه فانتهوا) وقد جاء هذا التذييل على هذه الآية بقوله تعالى: * (واتقوا الله إن الله شديد آلعقاب) * إيذانا بأن هذا التكليف لا هوادة فيه، وأنه ملزم للأمة سرا وعلنا، وأن من خالف شيئا منه يتوجه إليه هذا الإنذار الشديد، لأن معصيته معصية لله، وطاعته من طاعة الله * (من يطع الرسول فقد أطاع الله) * ولعلم عند الله تعالى.
* (للفقرآء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولائك هم الصادقون * والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون فى صدورهم حاجة ممآ أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولائك هم المفلحون * والذين جآءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل فى قلوبنا غلا للذين ءامنوا ربنآ إنك رءوف رحيم * ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب لئن أخرجتم لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم أحدا أبدا وإن قوتلتم لننصرنكم والله يشهد إنهم لكاذبون * لئن أخرجوا لا يخرجون معهم ولئن قوتلوا لا ينصرونهم ولئن نصروهم ليولن الا دبار ثم لا ينصرون * لانتم أشد رهبة فى صدورهم من الله ذلك بأنهم قوم لا يفقهون * لا يقاتلونكم جميعا إلا فى قرى محصنة أو من ورآء جدر بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لا يعقلون * كمثل الذين من قبلهم قريبا ذاقوا وبال أمرهم ولهم عذاب أليم * كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إنى برىء منك إنى أخاف الله رب العالمين * فكان عاقبتهمآ أنهما فى النار خالدين فيها وذلك جزآء الظالمين * ياأيها الذين ءامنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون * ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولائك هم الفاسقون) * قوله تعالى: * (للفقرآء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولائك هم الصادقون) *. في هذه الآية الكريمة وصف شامل للمهاجرين في دوافع الهجرة: أنهم * (يبتغون فضلا من الله ورضوانا) *، وغايتها: وهي * (وينصرون الله ورسوله) *، والحكم لهم بأنهم * (أولائك هم الصادقون) *.
ومنطوق هذه الأوصاف يدل بمفهومه أنه خاص بالمهاجرين، مع أنه جاءت نصوص أخرى تدل على مشاركة الأنصار لهم فيه: منها قوله تعالى: * (إن الذين ءامنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم فى سبيل الله والذين ءاووا ونصروا أولائك بعضهم أوليآء بعض) *، وقوله تعالى بعدها: * (والذين ءامنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله والذين ءاووا ونصروا أولائك هم المؤمنون حقا) *.
فذكر المهاجرين بالجهاد بالمال والنفس، وذكر معهم الأنصار بالإيواء والنصر، ووصف الفريقين معا بولاية بعضهم لبعض، وأثبت لهم معا حقيقة الإيمان * (أولائك هم المؤمنون حقا) *، أي الصادقون في إيمانهم، فاستوى الأنصار مع المهاجرين في عامل النصرة وفي صدق الإيمان.
وفي قوله تعالى: * (والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون فى صدورهم حاجة ممآ أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة) *