أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٨ - الصفحة ٤٩
ينفقون أموالهم باليل والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون) *.
ومن خصائص الإسلام في هذا الباب أنه كما أدب الأغنياء في طريقة الإنفاق، فقد أدب الفقراء في طريقة الأخذ. وذلك في قوله تعالى: * (للفقرآء الذين أحصروا فى سبيل الله لا يستطيعون ضربا فى الا رض يحسبهم الجاهل أغنيآء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحافا) *. قوله تعالى: * (ياأيها الذين ءامنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون) *. في هذه الآية الكريمة حث على تقوى الله في الجملة، واقترنت بالحث على النظر والتأمل فيما قدمت كل نفس لغد، وتكرر الأمر فيها بتقوى الله، مما يدل على شدة الاهتمام والعناية بتقوى الله على ما سيأتي تفصيله إن شاء الله، سواء كان التكرار للتأكيد أم كان للتأسيس، وسيأتي بيانه إن شاء الله. أما الاهتمام بالحث على التقوى، فقد دلت له عدة آيات من كتاب الله تعالى، ولو قيل: إن الغاية من رسالة الإسلام كلها، بل ومن جميع الأديان هو تحصيل التقوى لما كان بعيدا، وذلك للآتي:
أولا: قوله تعالى: * (ياأيها الناس اعبدوا ربكم الذى خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون) *، ومعلوم أنه تعالى ما خلق الجن والإنس إلا لعبادته، فتكون التقوى بمضمون هاتين الآيتين. هي الغاية من خلق الثقلين الإنس والجن. وقد جاء النص مفصلا في حق كل أمة على حدة، منها في قوم نوح عليه السلام قال تعالى: * (كذبت قوم نوح المرسلين إذ قال لهم أخوهم نوح ألا تتقون إني لكم رسول أمين فاتقوا الله وأطيعون) *، وفي قوم عاد قال تعالى: * (كذبت عاد المرسلين إذ قال لهم أخوهم هود ألا تتقون إنى لكم رسول أمين فاتقوا الله وأطيعون) *، وفي قوم لوط: * (كذبت قوم لوط المرسلين إذ قال لهم أخوهم لوط ألا تتقون إنى لكم رسول أمين فاتقوا الله وأطيعون) *، وفي قوم شعيب، قوله تعالى: * (كذب أصحاب لأيكة المرسلين إذ قال لهم شعيب ألا
(٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 ... » »»