سكارى) *، فهو عام في جميع الناس.
وقوله: * (يوم ترونها تذهل كل مرضعة عمآ أرضعت) *. والذهول أخو النسيان، وهو هنا عام في كل مرضعة * (وتضع كل ذات حمل حملها) * وهو أيضا عام، وذلك من شدة الهول يوم القيامة، ولعل الحامل لهما على إيراد هذا الوجه مع بيان ضعفه، هو فرارهم من نسبة الإنساء إلى الله، وفيه شبهة اعتزال كما لا يخفى.
ولوجود إسناد الإنساء إلى الشيطان في بعض المواضع كما في قصة صاحب موسى: * (ومآ أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره) *، وكما في قوله تعالى: * (وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين) *، وقوله: عن صاحب يوسف: * (فأنساه الشيطان ذكر ربه) *.
ولكن الصحيح عند علماء السلف أن حقيقة النسيان والإنساء والتذكير والتذكر كحقيقة أي معنى من المعاني، وأنها كلها من الله * (قل كل من عند الله) *، * (قل لن يصيبنآ إلا ما كتب الله لنا) * فما نسب إلى الشيطان فهو بتسليط من الله كما في قوله تعالى: * (فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه) *، ثم قال: * (وما هم بضآرين به من أحد إلا بإذن الله) * فيكون إسناد الإنساء إلى الشيطان من باب قول الخليل عليه السلام * (وإذا مرضت فهو يشفين) * تأدبا في الخطاب مع الله تعالى، ولكن هذا المقام مقام إخبار من الله عما أوقعه بهؤلاء الذين نسوا ما أمرهم به فأنساهم، فأوقع عليهم النسيان لأنفسهم مجازاة لهم على أعمالهم، فكان نسبته إلى الله وبإخبار من الله عين الحق وهو أقوى من أسلوب المقابلة: نسوا الله فنسيهم.
تنبيهان الأول: جاء في مثل هذا السياق سواء بسواء قوله تعالى: * (وقيل اليوم ننساكم كما نسيتم لقآء يومكم هاذا) *.
وقوله: * (فذوقوا بما نسيتم لقآء يومكم هاذآ إنا نسيناكم) *.
وقوله: * (نسوا الله فنسيهم) *، وفي هذا نسبة النسيان إلى الله تعالى فوقع