أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٨ - الصفحة ٥٥
نسيا) *.
وقد جاء أيضا: وصف كل من اليهود والنصارى والمشركين بالنسيان في الجملة، ففي اليهود يقول تعالى: * (فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظا مما ذكروا به) *.
وفي النصارى يقول تعالى: * (ومن الذين قالوا إنا نصارى أخذنا ميثاقهم فنسوا حظا مما ذكروا به) *.
وفي المشركين يقول تعالى: * (الذين اتخذوا دينهم لهوا ولعبا وغرتهم الحيواة الدنيا فاليوم ننساهم كما نسوا لقآء يومهم هاذا وما كانوا بأاياتنا يجحدون) *، فيكون التحذير منصبا أصالة على المنافقين وشاملا معهم كل تلك الطوائف لاشتراكهم جميعا في أصل النسيان.
أما النسيان هنا، فهو بمعنى الترك، وقد نص عليه الشيخ رحمة الله تعالى عليه عند الكلام على قوله تعالى: * (ولقد عهدنآ إلىءادم من قبل فنسى) *.
فذكر وجهين، وقال: العرب تطلق النسيان وتريد به الترك ولو عمدا، ومنه قوله تعالى: * (قال كذالك أتتك آياتنا فنسيتها وكذالك اليوم تنسى) *.
فالمراد من هذه الآية الترك قصدا.
وكقوله: * (فاليوم ننساهم كما نسوا لقآء يومهم هاذا وما كانوا بأاياتنا يجحدون) *.
وقوله: * (ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم) *. انتهى.
أما النسيان الذي هو ضد الذكر، وهو الترك عن غير قصد، فليس داخلا هنا، لأن هذه الأمة قد أعفيت من المؤاخذة عليه، كما في قوله تعالى: * (ربنا لا تؤاخذنآ إن نسينآ أو أخطأنا) *.
وفي الحديث أن الله تعالى قال: (قد فعلت قد فعلت) أي عندما تلاها صلى الله عليه وسلم.
(٥٥)
مفاتيح البحث: النفاق (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 ... » »»