كما جاء في حق فرعون في قوله تعالى: * (حتى إذآ أدركه الغرق قال ءامنت أنه لا إلاه إلا الذىءامنت به بنوا إسراءيل وأنا من المسلمين) *، فقيل له: * (ءاأن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين) *.
وجاء أصرح ما يكون في قوله: * (يوم يأتى بعض ءايات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن ءامنت من قبل أو كسبت فى إيمانها خيرا) *.
فلما جاء بعض آيات الله وظهر الحق، لم يكن للإيمان محل بعد المعاينة * (لا ينفع نفسا إيمانها) * أي من قبل المعاينة كحالة فرعون المذكورة، لأن حقيقة الإيمان التصديق بالمغيبات، فإذا عاينها لم تكن حينذاك غيبا، فيفوت وقت الإيمان والعلم عند الله، وعليه حديث التوبة: ما لم يغرغر. قوله تعالى: * (إن الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة وأجر كبير) *. والخشية: شدة الخوف، كما قال تعالى: * (الذين يخشون ربهم بالغيب وهم من الساعة مشفقون) *.
وبين تعالى محل تلك الخشية في قوله: * (إنما يخشى الله من عباده العلماء) * لأنهم يعرفون حق الله تعالى ويراقبونه.
وقد بين تعالى حقيقة خشية الله: * (وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وإن منها لما يشقق فيخرج منه المآء وإن منها لما يهبط من خشية الله) *.
وقوله: * (لو أنزلنا هاذا القرءان على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله) *.
فالذين يخشون ربهم بالغيب هم الذين يعرفون حق الله عليهم ومراقبته إياهم في السر والعلن، ويعلمون أنه مطلع عليهم مهما تخسفوا وتستروا وهم دائما منيبون إلى الله، كما في قوله: * (هاذا ما توعدون لكل أواب حفيظ من خشى الرحمان بالغيب وجآء بقلب منيب) *، وهذه أعلى درجات السلوك مع الله تعالى، كما بين أنها منزلة العلماء.
وقد عاب تعالى أولئك الذين يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله، ويخشون