أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٦ - الصفحة ٩٠
وقوله تعالى: * (فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الاخرى) *، فقوله: * (أن تضل إحداهما) *، أي: تذهب عن علم حقيقة المشهود به بدليل قوله بعده: * (فتذكر إحداهما الاخرى) *، وقوله تعالى عن أولاد يعقوب: * (إن أبانا لفى ضلال مبين) *، وقوله: * (قالوا تالله إنك لفى ضلالك القديم) *، على التحقيق في ذلك كله. ومن هذا المعنى قول الشاعر: وقوله: * (قالوا تالله إنك لفى ضلالك القديم) *، على التحقيق في ذلك كله. ومن هذا المعنى قول الشاعر:
* وتظن سلمى أنني أبغي بها * بدلا أراها في الضلال تهيم * والإطلاق الثاني: وهو المشهور في اللغة، وفي القرءان هو إطلاق الضلال على الذهاب عن طريق الإيمان إلى الكفر، وعن طريق الحق إلى الباطل، وعن طريق الجنة إلى النار، ومنه قوله تعالى: * (غير المغضوب عليهم ولا الضالين) *.
والإطلاق الثالث: هو إطلاق الضلال على الغيبوبة والاضمحلال، تقول العرب: ضل الشئ إذا غاب واضمحل، ومنه قولهم: ضل السمن في الطعام، إذا غاب فيه واضمحل، ولأجل هذا سمت العرب الدفن في القبر إضلالا؛ لأن المدفون تأكله الأرض فيغيب فيها ويضمحل.
ومن هذا المعنى قوله تعالى: * (وقالوا أءذا ضللنا فى الارض) *، يعنون: إذا دفنوا وأكلتهم الأرض، فضلوا فيها، أي: غابوا فيها واضمحلوا.
ومن إطلاقهم الإضلال على الدفن، قول نابغة ذبيان يرثي النعمان بن الحارث بن أبي شمر الغساني: ومن إطلاقهم الإضلال على الدفن، قول نابغة ذبيان يرثي النعمان بن الحارث بن أبي شمر الغساني:
* فإن تحيي لا أملك حياتي وأن تمت * فما في حياة بعد موتك طائل * * فآب مضلوه بعين جلية * وغودر بالجولان حزم ونائل * وقول المخبل السعدي يرثي قيس بن عاصم: وقول المخبل السعدي يرثي قيس بن عاصم:
* أضلت بنو قيس بن سعد عميدها * وفارسها في الدهر قيس بن عاصم * فقول الذبياني: فآب مضلوه، يعني: فرجع دافنوه، وقول السعدي: أضلت، أي: دفنت، ومن إطلاق الضلال أيضا على الغيبة والاضمحلال قول الأخطل
(٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 ... » »»