أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٦ - الصفحة ٨٧
. قوله تعالى في هذه الآية الكريمة عن نبيه موسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام: * (إنى أخاف أن يكذبون) *، أي: بسبب أني قتلت منهم نفسا، وفررت منهم لما خفت أن يقتلوني بالقتيل الذي قتلته منهم، ويوضح هذا المعنى الترتيب بالفاء في قوله تعالى: * (قال رب إنى قتلت منهم نفسا فأخاف أن يقتلون) *؛ لأن من يخاف القتل فهو يتوقع التكذيب، وقوله: * (ولا ينطلق لسانى) *، أي: من أجل العقدة المذكورة في قوله تعالى عن موسى: * (واحلل عقدة من لسانى * يفقهوا قولي) *، قدمنا في الكلام على آية (طه)، هذه بعض الآيات الدالة على ما يتعلق بهذا المبحث. * (فأرسل إلى هارون) *. قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة (مريم)، في الكلام على قوله تعالى: * (ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا) *. قوله تعالى عن نبيه موسى: * (ولهم على ذنب فأخاف أن يقتلون) *. لم يبين هنا هذا الذنب الذي لهم عليه الذي يخاف منهم أن يقتلوه بسببه، وقد بين في غير هذا الموضع أن الذنب المذكور هو قتله لصاحبهم الغبطي، فقد صرح تعالى بالقتل المذكور في قوله تعالى: * (قال رب إنى قتلت منهم نفسا فأخاف أن يقتلون) *، فقوله: * (قتلت منهم نفسا) * مفسر لقوله: * (ولهم على ذنب) *، ولذا رتب بالفاء على كل واحد منهما. قوله: * (فأخاف أن يقتلون) *، وقد أوضح تعالى قصة قتل موسى له بقوله في (القصص): * (ودخل المدينة على حين غفلة من أهلها فوجد فيها رجلين يقتتلان هاذا من شيعته وهاذا من عدوه فاستغاثه الذى) *، وقوله: * (فقضى عليه) *، أي: قتله، ولك هو الذنب المذكور في آية (الشعراء) هذه.
وقد بين تعالى أنه غفر لنبيه موسى ذلك الذنب المذكور، وذلك في قوله تعالى: * (قال رب إنى ظلمت نفسى فاغفر لى فغفر له) *. * (قال كلا فاذهبا بأاياتنآ إنا معكم مستمعون) *. صيغة الجمع في قوله: * (إنا معكم مستمعون) *، للتعظيم، وما ذكره جل وعلا في
(٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 ... » »»