هذه الآية من رده على موسى خوفه القتل من فرعون وقومه، بحرف الزجر الذي هو * (كلا) *، وأمره أن يذهب هو وأخوه بآياته مبينا لهما أن الله معهم، أي: وهي معية خاصة بالنصر والتأييد، وأنه مستمع لكل ما يقول لهم فرعون، أوضحه أيضا في غير هذا الموضع؛ كقوله تعالى: * (قال لا تخافا إننى معكما أسمع وأرى) *، وقوله تعالى: * (قال سنشد عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطانا فلا يصلون إليكما باياتنا أنتما ومن اتبعكما الغالبون) *. * (فأتيا فرعون فقولا إنا رسول رب العالمين) *. قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة (مريم)، و (طه)، وبينا في سورة (طه)، في الكلام على قوله تعالى: * (فقولا إنا رسولا ربك) *، وجه تثنيته الرسول في (طه)، وإفراده هنا في (الشعراء)، مع شواهده العربية.
* (قال ألم نربك فينا وليدا ولبثت فينا من عمرك سنين * وفعلت فعلتك التى فعلت وأنت من الكافرين * قال فعلتهآ إذا وأنا من الضآلين * ففررت منكم لما خفتكم فوهب لى ربى حكما وجعلنى من المرسلين * وتلك نعمة تمنها على أن عبدت بنى إسراءيل * قال فرعون وما رب العالمين * قال رب السماوات والا رض وما بينهمآ إن كنتم موقنين * قال لمن حوله ألا تستمعون * قال ربكم ورب ءابآئكم الا ولين * قال إن رسولكم الذى أرسل إليكم لمجنون * قال رب المشرق والمغرب وما بينهمآ إن كنتم تعقلون * قال لئن اتخذت إلاها غيرى لأجعلنك من المسجونين * قال أولو جئتك بشىء مبين * قال فأت به إن كنت من الصادقين * فألقى عصاه فإذا هى ثعبان مبين * ونزع يده فإذا هى بيضآء للناظرين * قال للملإ حوله إن هاذا لساحر عليم * يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره فماذا تأمرون * قالوا أرجه وأخاه وابعث فى المدآئن حاشرين * يأتوك بكل سحار عليم * فجمع السحرة لميقات يوم معلوم * وقيل للناس هل أنتم مجتمعون * لعلنا نتبع السحرة إن كانوا هم الغالبين * فلما جآء السحرة قالوا لفرعون أإن لنا لاجرا إن كنا نحن الغالبين * قال نعم وإنكم إذا لمن المقربين * قال لهم موسى ألقوا مآ أنتم ملقون * فألقوا حبالهم وعصيهم وقالوا بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون * فألقى موسى عصاه فإذا هى تلقف ما يأفكون * فألقى السحرة ساجدين * قالوا آمنا برب العالمين * رب موسى وهارون * قال ءامنتم له قبل أن ءاذن لكم إنه لكبيركم الذى علمكم السحر فلسوف تعلمون لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ولأصلبنكم أجمعين * قالوا لا ضير إنآ إلى ربنا منقلبون * إنا نطمع أن يغفر لنا ربنا خطايانآ أن كنآ أول المؤمنين * وأوحينآ إلى موسى أن أسر بعبادى إنكم متبعون * فأرسل فرعون فى المدآئن حاشرين * إن هاؤلاء لشرذمة قليلون * وإنهم لنا لغآئظون * وإنا لجميع حاذرون * فأخرجناهم من جنات وعيون * وكنوز ومقام كريم * كذلك وأورثناها بنى إسراءيل * فأتبعوهم مشرقين * فلما ترآءا الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون * قال كلا إن معى ربى سيهدين * فأوحينآ إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم * وأزلفنا ثم الا خرين * وأنجينا موسى ومن معه أجمعين * ثم أغرقنا الا خرين * إن فى ذلك لأية وما كان أكثرهم مؤمنين * وإن ربك لهو العزيز الرحيم * واتل عليهم نبأ إبراهيم * إذ قال لابيه وقومه ما تعبدون * قالوا نعبد أصناما فنظل لها عاكفين * قال هل يسمعونكم إذ تدعون * أو ينفعونكم أو يضرون * قالوا بل وجدنآ ءابآءنا كذلك يفعلون * قال أفرءيتم ما كنتم تعبدون * أنتم وءابآؤكم الا قدمون * فإنهم عدو لى إلا رب العالمين * الذى خلقنى فهو يهدين * والذى هو يطعمنى ويسقين * وإذا مرضت فهو يشفين * والذى يميتنى ثم يحيين * والذى أطمع أن يغفر لى خطيئتى يوم الدين * رب هب لى حكما وألحقنى بالصالحين * واجعل لى لسان صدق فى الا خرين * واجعلنى من ورثة جنة النعيم * واغفر لابى إنه كان من الضآلين * ولا تخزنى يوم يبعثون * يوم لا ينفع مال ولا بنون * إلا من أتى الله بقلب سليم * وأزلفت الجنة للمتقين * وبرزت الجحيم للغاوين * وقيل لهم أين ما كنتم تعبدون * من دون الله هل ينصرونكم أو ينتصرون * فكبكبوا فيها هم والغاوون * وجنود إبليس أجمعون * قالوا وهم فيها يختصمون * تالله إن كنا لفى ضلال مبين * إذ نسويكم برب العالمين * ومآ أضلنآ إلا المجرمون * فما لنا من شافعين * ولا صديق حميم * فلو أن لنا كرة فنكون من المؤمنين * إن فى ذلك لأية وما كان أكثرهم مؤمنين * وإن ربك لهو العزيز الرحيم * كذبت قوم نوح المرسلين * إذ قال لهم أخوهم نوح ألا تتقون * إني لكم رسول أمين * فاتقوا الله وأطيعون * ومآ أسألكم عليه من أجر إن أجرى إلا على رب العالمين * فاتقوا الله وأطيعون * قالوا أنؤمن لك واتبعك الا رذلون * قال وما علمى بما كانوا يعملون * إن حسابهم إلا على ربى لو تشعرون * ومآ أنا بطارد المؤمنين * إن أنا إلا نذير مبين * قالوا لئن لم تنته يانوح لتكونن من المجرمين * قال رب إن قومى كذبون * فافتح بينى وبينهم فتحا ونجنى ومن معى من المؤمنين * فأنجيناه ومن معه فى الفلك المشحون * ثم أغرقنا بعد الباقين * إن فى ذلك لاية وما كان أكثرهم مؤمنين * وإن ربك لهو العزيز الرحيم * كذبت عاد المرسلين * إذ قال لهم أخوهم هود ألا تتقون * إنى لكم رسول أمين * فاتقوا الله وأطيعون * ومآ أسألكم عليه من أجر إن أجرى إلا على رب العالمين * أتبنون بكل ريع ءاية تعبثون * وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون * وإذا بطشتم بطشتم جبارين * فاتقوا الله وأطيعون * واتقوا الذى أمدكم بما تعلمون * أمدكم بأنعام وبنين * وجنات وعيون * إنى أخاف عليكم عذاب يوم عظيم * قالوا سوآء علينآ أوعظت أم لم تكن من الواعظين * إن هاذا إلا خلق الا ولين * وما نحن بمعذبين * فكذبوه فأهلكناهم إن فى ذلك لأية وما كان أكثرهم مؤمنين * وإن ربك لهو العزيز الرحيم * كذبت ثمود المرسلين * إذ قال لهم أخوهم صالح ألا تتقون * إنى لكم رسول أمين * فاتقوا الله وأطيعون * ومآ أسألكم عليه من أجر إن أجرى إلا على رب العالمين * أتتركون فى ما هاهنآ ءامنين * فى جنات وعيون * وزروع ونخل طلعها هضيم * وتنحتون من الجبال بيوتا فارهين * فاتقوا الله وأطيعون * ولا تطيعوا أمر المسرفين * الذين يفسدون فى الا رض ولا يصلحون * قالوا إنمآ أنت من المسحرين * مآ أنت إلا بشر مثلنا فأت بأاية إن كنت من الصادقين * قال هاذه ناقة لها شرب ولكم شرب يوم معلوم * ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب يوم عظيم * فعقروها فأصبحوا نادمين * فأخذهم العذاب إن فى ذلك لأية وما كان أكثرهم مؤمنين * وإن ربك لهو العزيز الرحيم * كذبت قوم لوط المرسلين * إذ قال لهم أخوهم لوط ألا تتقون * إنى لكم رسول أمين * فاتقوا الله وأطيعون * ومآ أسألكم عليه من أجر إن أجرى إلا على رب العالمين * أتأتون الذكران من العالمين * وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم بل أنتم قوم عادون * قالوا لئن لم تنته يالوط لتكونن من المخرجين * قال إنى لعملكم من القالين * رب نجنى وأهلى مما يعملون * فنجيناه وأهله أجمعين * إلا عجوزا فى الغابرين * ثم دمرنا الا خرين * وأمطرنا عليهم مطرا فسآء مطر المنذرين * إن فى ذلك لاية وما كان أكثرهم مؤمنين * وإن ربك لهو العزيز الرحيم * كذب أصحاب لأيكة المرسلين * إذ قال لهم شعيب ألا تتقون * إنى لكم رسول أمين * فاتقوا الله وأطيعون * ومآ أسألكم عليه من أجر إن أجرى إلا على رب العالمين * أوفوا الكيل ولا تكونوا من المخسرين * وزنوا بالقسطاس المستقيم * ولا تبخسوا الناس أشيآءهم ولا تعثوا فى الا رض مفسدين) * * (قال ألم نربك فينا وليدا) *. تربية فرعون لموسى هذه التي ذكرها له هي التي ذكر مبدؤها في قوله تعالى: * (وقالت امرأت فرعون قرة عين لى ولك لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا وهم لا يشعرون) *، وقوله تعالى: * (وألقيت عليك محبة منى ولتصنع على عينى) *. قوله تعالى في كلام فرعون لموسى: * (وفعلت فعلتك التى فعلت وأنت من الكافرين) *. أبهم جل وعلا هذه الفعلة التي فعلها لتعبيره عنها بالاسم المبهم الذي هو الموصول في قوله: * (التى فعلت) *، وقد أوضحها في آيات أخر، وبين أن الفعلة المذكورة هي قتله نفسا منهم؛ كقوله تعالى: * (فوكزه موسى فقضى عليه) *، وقوله تعالى: * (قال رب إنى قتلت منهم نفسا) *، وقوله عن الإسرائيلي الذي استغاث بموسى مرتين: * (قال ياءادم موسى أتريد أن تقتلنى كما قتلت نفسا بالامس إن تريد إلا أن تكون جبارا فى الارض وما تريد أن تكون) *.
وأظهر الأقوال عندي في معنى قوله: * (وأنت من الكافرين) *، أن المراد به كفر