* (واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين) *. قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة (المائدة)، في الكلام على قوله تعالى: * (فسوف يأتى الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين) *، وفي (الحجر)، في الكلام على قوله تعالى: * (واخفض جناحك للمؤمنين) *، وقد وعدنا في سورة (بني إسرائيل)، في الكلام على قوله تعالى: * (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا) *، بأنا نوضح معنى خفض الجناح، وإضافته إلى الذل في سورة (الشعراء)، في هذا الموضع، وهذا وفاؤنا بذلك الوعد، ويكفينا في الوفاء به أن ننقل كلامنا في رسالتنا المسماة: (منع جواز المجاز في المنزل للتعبد والإعجاز).
فقد قلنا فيها، ما نصه: والجواب عن قوله تعالى: * (واخفض لهما جناح الذل) *، أن الجناح هنا مستعمل في حقيقته؛ لأن الجناح يطلق لغة حقيقة على يد الإنسان وعضده وإبطه. قال تعالى: * (واضمم إليك جناحك من الرهب) *، والخفض مستعمل في معناه الحقيقي، الذي هو ضد الرفع؛ لأن مريد البطش يرفع جناحيه، ومظهر الذل والتواضع يخفض جناحيه، فالأمر بخفض الجناح للوالدين كناية عن لين الجانب لهما، والتواضع لهما؛ كما قال لنبيه صلى الله عليه وسلم: * (واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين) *، وإطلاق العرب خفض الجناح كناية عن التواضع، ولين الجانب أسلوب معروف، ومنه قول الشاعروإطلاق العرب خفض الجناح كناية عن التواضع، ولين الجانب أسلوب معروف، ومنه قول الشاعر * وأنت الشهير بخفض الجنا * ح فلا تك في رفعه أجدلا * وأما إضافة الجناح إلى الذل، فلا تستلزم المجاز كما يظنه كثير؛ لأن الإضافة فيه كالإضافة في قولك: حاتم الجود.
فيكون المعنى: واخفض لهما الجناح الذليل من الرحمة، أو الذلول على قراءة الذل بالكسر، وما يذكر عن أبي تمام من أنه لما قال: فيكون المعنى: واخفض لهما الجناح الذليل من الرحمة، أو الذلول على قراءة الذل بالكسر، وما يذكر عن أبي تمام من أنه لما قال:
* لا تسقني ماء الملام فإنني * صب قد استعذبت ماء بكائي * جاءه رجل فقال له: صب لي في هذا الإناء شيئا من ماء الملام، فقال له: إن أتيتني