أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٦ - الصفحة ٨٣
* (الذى خلق الموت والحيواة ليبلوكم أيكم أحسن عملا) *.
فهذه الآيات قد أوضحت أن الحكمة في خلقه السماوات والأرض، وجميع ما على الأرض، والموت والحياة، هي أن يدعوهم على ألسنة رسله ويبتليهم، أي: أن يختبرهم أيهم أحسن عملا.
وهذه الآيات تبين معنى قوله تعالى: * (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) *.
وفي هذه الآيات إيضاح لأن معنى قوله: * (لولا دعاؤكم) *، أي: دعاؤه إياكم على ألسنة رسله، وابتلاؤكم أيكم أحسن عملا، وعلى هذا فلا إشكال في قوله: * (فقد كذبتم) *، أي: * (ما يعبؤا بكم * لولا) * دعاؤه إياكم، أي: وقد دعاكم فكذبتم، وهذا القول هو وحده الذي لا إشكال فيه، فهو قوي بدلالة الآيات المذكورة عليه.
وأما القول بأن معنى: * (لولا دعاؤكم) *، أي: إخلاصكم الدعاء له أيها الكفار عند الشدائد والكروب، فقد دلت على معناه آيات كثيرة؛ كقوله تعالى: * (فإذا ركبوا فى الفلك دعوا الله مخلصين له الدين) *، وقوله تعالى: * (جاءتها ريح عاصف وجاءهم الموج من كل مكان وظنوا أنهم أحيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين) *.
وقد أوضحنا الآيات الدالة على هذا المعنى في سورة (بني إسرائيل)، في الكلام على قوله تعالى: * (وإذا مسكم الضر فى البحر ضل من تدعون إلا إياه) *، وهذا القول وإن دلت عليه آيات كثيرة، فلا يظهر كونه هو معنى آية (الفرقان) هذه.
وأما على القول بأن المعنى: ما يصنع بعذابكم، * (لولا دعاؤكم) * معه آلهة أخرى؛ فقد دل على معناه قوله تعالى: * (ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وءامنتم) *.
والقول الأول الذي هو أشهر الأقوال وأكثرها قائلا، وهو أن المعنى: * (لولا دعاؤكم) *، أي: عبادتكم له وحده، قد دل عليه جميع الآيات الدالة على ما يعطيه الله لمن أطاعه، وما أعده لمن عصاه، وكثرتها معلومة لا خفاء بها.
واعلم أن لفظة * (ما) *، في قوله: * (قل ما يعبؤا بكم ربى) *، قال بعض أهل
(٨٣)
مفاتيح البحث: الموت (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 ... » »»