، * (بل هم أضل) * من الأنعام، أي: أبعد عن فهم الحق وإدراكه.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: * (بل هم أضل سبيلا) *، قال الزمخشري: فإن قلت: كيف جعلوا أضل من الأنعام؟
قلت: لأن الأنعام تنقاد لأربابها التي تعلفها وتتعهدها، وتعرف من يحسن إليها ممن يسيء إليها، وتطلب ما ينفعها، وتجتنب ما يضرها، وتهتدي لمراعيها ومشاربها، وهؤلاء لا ينقادون لربهم ولا يعرفون إحسانه إليهم من إسارة الشيطان الذي هو عدوهم، ولا يطلبون الثواب الذي هو أعظم المنافع، ولا يتقون العقاب الذي هو أشد المضار والمهالك، ولا يهتدون للحق الذي هو المشرع الهني والعذب الروي، اه منه.
وإذا علمت ما دلت عليه هذه الآية الكريمة، فاعلم أن الله بينه في غير الموضع،؛ كقوله تعالى في سورة (الأعراف): * (ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم ءاذان) *، وقوله تعالى في (البقرة): * (ومثل الذين كفروا كمثل الذى ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء صم بكم عمى فهم لا يعقلون) *. * (وهو الذى جعل لكم اليل لباسا والنوم سباتا وجعل النهار نشورا) *. ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أنه هو الذي جعل لخلقه الليل لباسا، والنوم سباتا، وجعل لهم النهار نشورا، أما جعله لهم الليل لباسا، فالظاهر أنه لما جعل الليل يغطي جميع من في الأرض بظلامه صار لباسا لهم، يسترهم كما يستر اللباس عورة صاحبه، وربما انتفعوا بلباس الليل كهروب الأسير المسلم من الكفار في ظلام الليل، واستتاره به حتى ينجو منهم، ونحو ذلك من الفوائد التي تحصل بسبب لباس الليل؛ كما قال أبو الطيب المتنبي: يسترهم كما يستر اللباس عورة صاحبه، وربما انتفعوا بلباس الليل كهروب الأسير المسلم من الكفار في ظلام الليل، واستتاره به حتى ينجو منهم، ونحو ذلك من الفوائد التي تحصل بسبب لباس الليل؛ كما قال أبو الطيب المتنبي:
* وكم لظلام الليل عندي من يد * تخبر أن المانوية تكذب * * وقاك ردى الأعداء تسري إليهم * وزارك فيه ذو الدلال المحجب * وأما جعله لهم النوم سباتا، فأكثر المفسرين على أن المراد بالسبات: الراحة من تعب العمل بالنهار؛ لأن النوم يقطع العمل النهاري، فينقطع به التعب، وتحصل الاستراحة، كما هو معروف.
وقال الجوهري في (صحاحه): السبات النوم وأصله الراحة، ومنه قوله تعالى