أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٦ - الصفحة ٧١
القرءان ليذكروا وما يزيدهم إلا نفورا) *، وقوله تعالى: * (بل لجوا فى عتو ونفور) *، إلى غير ذلك من الآيات. * (تبارك الذى جعل فى السمآء بروجا وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا) *. قد قدمنا كلام أهل العلم في معنى * (تبارك) *، في أول هذه السورة الكريمة.
والبروج في اللغة: القصور العالية، ومنه قوله تعالى: * (ولو كنتم فى بروج مشيدة) *.
واختلف العلماء في المراد بالبروج في الآية، فقال بعضهم: هي الكواكب العظام. قال ابن كثير: وهو قول مجاهد، وسعيد بن جبير، وأبي صالح، والحسن، وقتادة، ثم قال: وقيل هي قصور في السماء للحرس. ويروى هذا عن علي، وابن عباس، ومحمد بن كعب، وإبراهيم النخعي، وسليمان بن مهران الأعمش، وهو رواية عن أبي صالح أيضا، والقول الأول أظهر، اللهم إلا أن تكون الكواكب العظام، هي قصور للحرس فيجتمع القولان؛ كما قال تعالى: * (ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح) *، اه محل الغرض من كلام ابن كثير.
وقال الزمخشري في (الكشاف): البروج منازل الكواكب السبعة السيارة: الحمل، والثور، والجوزاء، والسرطان، والأسد، والسنبلة، والميزان، والعقرب، والقوس، والجدي، والدلو، والحوت، سميت البروج التي هي القصور العالية؛ لأنها لهذه الكواكب كالمنازل لسكانها، واشتقاق البرج من التبرج لظهور، اه منه.
وما ذكره جل وعلا هنا من أنه جعل في السماء بروجا وجعل فيها سراجا وهو الشمس، وقمرا منيرا، بينه في غير هذا الموضع؛ كقوله تعالى: * (ولقد جعلنا فى السماء بروجا وزيناها للناظرين) *، وقوله تعالى: * (والسماء ذات البروج) *، وقوله تعالى: * (وجعلنا سراجا وهاجا) *، وقوله تعالى: * (ألم تروا كيف خلق الله سبع * سماوات طباقا * وجعل القمر فيهن نورا وجعل الشمس سراجا) *، وقرأ هذا الحرف عامة السبعة غير حمزة والكسائي: * (وجعل فيها سراجا) *، بكسر السين وفتح الراء بعدها ألف على الإفراد، وقرأه حمزة والكسائي: * (سرجا) * بضم السين، والراء جمع سراج، فعلى قراءة الجمهور بإفراد السراج، فالمراد
(٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 ... » »»