أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٦ - الصفحة ٦١
: * (وجعلنا نومكم سباتا) *، وقال الزمخشري في (الكشاف): والسبات: الموت، والمسبوت: الميت؛ لأنه مقطوع الحياة، وهذا كقوله: * (وهو الذى يتوفاكم باليل) *.
فإن قلت: هل لا فسرته بالراحة؟
قلت: النشور في مقابلته يأباه إباء العيوف الورد، وهو مرنق، اه محل الغرض منه.
وإيضاح كلامه: أن النشور هو الحياة بعد الموت، كما تقدم إيضاحه. وعليه فقوله: * (وجعل النهار نشورا) *، أي: حياة بعد الموت، وعليه فالموت هو المعبر عنه بالسبات في قوله: * (والنوم سباتا) *، وإطلاق الموت على النوم معروف في القرءان العظيم؛ كقوله تعالى: * (وهو الذى يتوفاكم باليل ويعلم ما جرحتم بالنهار ثم يبعثكم فيه) *، وقوله: * (ثم يبعثكم فيه) * فيه دليل على ما ذكره الزمخشري؛ لأن كلا من البعث والنشور يطلق على الحياة بعد الموت؛ وكقوله تعالى: * (الله يتوفى الانفس حين موتها والتى لم تمت فى منامها فيمسك التى قضى عليها الموت ويرسل الاخرى إلى أجل) *، وقال الجوهري في (صحاحه): والمسبوت الميت والمغشى عليه، اه.
والذين قالوا: إن السبات في الآية الراحة بسبب النوم من تعب العمل بالنهار، قالوا: إن معنى قوله تعالى: * (وجعل النهار نشورا) *، أنهم ينشرون فيه لمعايشهم، ومكاسبهم، وأسبابهم. والظاهر أن هذا التفسير فيه حذف مضاف، أو هو من النعت بالمصدر، وهذا التفسير يدل عليه قوله تعالى: * (وجعلنا النهار معاشا) *، وقوله تعالى في (القصص): * (ومن رحمته جعل لكم اليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله) *، أي: لتسكنوا في الليل، ولتبتغوا من فضله بالنهار في السعي للمعاش.
وإذا علمت هذا، فاعلم أن ما دلت عليه هذه الآية الكريمة جاء موضحا في مواضع أخر؛ كقوله تعالى: * (وجعلنا نومكم سباتا * وجعلنا اليل لباسا * وجعلنا النهار معاشا) *، وقوله تعالى: * (قل أرأيتم إن جعل الله عليكم اليل سرمدا إلى يوم القيامة من إلاه غير الله يأتيكم بضياء أفلا تسمعون) *.
(٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 ... » »»