ضرب لهذه الأمة الأمثال في هذا القرءان العظيم، ليتفكروا بسببها، وبين أنها لا يعقلها إلا أهل العلم، وأن الله يهدي بها قوما، ويضل بها آخرين.
وهذه الآيات الدالة على ذلك كله، فمنها قوله تعالى: * (إن الله لا خالدون * إن الله لا يستحى أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها فأما الذين ءامنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم) *، وقوله تعالى: * (ولقد ضربنا للناس فى هاذا القرءان من كل مثل لعلهم يتذكرون) *، وقوله تعالى: * (وتلك الامثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون) *، وقوله تعالى: * (وتلك الامثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون) *، وقوله تعالى: * (يأيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له) *، والآيات الدالة على ذلك كثيرة معلومة، والعلم عند الله تعالى. * (ولقد أتوا على القرية التى أمطرت مطر السوء أفلم يكونوا يرونها بل كانوا لا يرجون نشورا) *. أقسم جل وعلا في هذه الآية، أن الكفار الذين كذبوا نبينا صلى الله عليه وسلم، قد أتوا على القرية التي أمطرت مطر السوء، وهو أن الله أمطر عليها حجارة من سجيل، وهي سذوم قرية قوم لوط، وهذان الأمران المذكوران في هذه الآية الكريمة، وهما أن الله أمطر هذه القرية مطر السوء الذي هو حجارة السجيل، وأن الكفار أتوا عليها، ومروا بها جاء موضحا في آيات أخرى.
أما كون الله أمطر عليها الحجارة المذكورة، فقد ذكره جل وعلا في آيات كثيرة؛ كقوله تعالى: * (فجعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل) *، وبين في سورة (الذاريات)، أن السجيل المذكور نوع من الطين، وذلك في قوله تعالى: * (إنآ أرسلنآ إلى قوم مجرمين لنرسل عليهم حجارة من طين) *، ولا شك أن هذا الطين وقعه أليم، شديد مهلك؛ وكقوله تعالى: * (وأمطرنا عليهم مطرا فساء مطر المنذرين) *، وقوله تعالى: * (لعمرك إنهم لفى سكرتهم يعمهون * فأخذتهم الصيحة مشرقين * فجعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل) *.