أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٦ - الصفحة ٣٦٥
العذاب يوم القيامة) *. ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أن الذين ظلموا وهم الكفار، ولو كان لهم في الآخرة ما في الأرض جميعا ومثله معه، لفدوا أنفسهم به من سوء العذاب الذي عاينوه يوم القيامة، وبين هذا المعنى في مواضع أخر وصرح فيها بأنه لا فداء البتة يوم القيامة كقوله تعالى: * (إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الا رض ذهبا ولو افتدى به أولائك لهم عذاب أليم وما لهم من ناصرين) *. وقوله تعالى * (إن الذين كفروا لو أن لهم ما فى الا رض جميعا ومثله معه ليفتدوا به من عذاب يوم القيامة ما تقبل منهم ولهم عذاب أليم يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها ولهم عذاب مقيم) * وقوله تعالى * (فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا مأواكم النار هى مولاكم وبئس المصير) *. وقوله تعالى: * (وإن تعدل كل عدل لا يؤخذ منهآ أولائك الذين أبسلوا بما كسبوا لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون) *. فقوله * (وإن تعدل كل عدل) * أي وإن تفتد كل فداء، وقوله تعالى * (ولا يؤخذ منها عدل) *. وقوله * (ولا يقبل منها عدل) *، والعدل الفداء وقوله تعالى * (والذين لم يستجيبوا له لو أن لهم ما فى الا رض جميعا ومثله معه لافتدوا به أولائك لهم سوء الحساب ومأواهم جهنم وبئس المهاد) *.
وقد قدمنا طرفا من هذا في سورة آل عمران، في الكلام على قوله تعالى * (فلن يقبل من أحدهم ملء الا رض ذهبا ولو افتدى به) *. قوله تعالى: * (وبدا لهم سيئات ما كسبوا) *. قوله وبدا لهم أي ظهر لهم سيئات ما كسبوا، أي جزاء سيئاتهم التي اكتسبوها في الدنيا، فالظاهر أنه أطلق السيئات هنا مرادا بها جزاؤها.
ونظيره من القرآن قوله تعالى * (وجزآء سيئة سيئة مثلها) *.
ونظير ذلك أيضا إطلاق العقاب، على جزاء العقاب، في قوله تعالى * (ذالك ومن عاقب بمثل ما عوقب به ثم بغى عليه لينصرنه الله) *.
(٣٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 360 361 362 363 364 365 366 367 368 369 370 ... » »»