أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٦ - الصفحة ٣٦٤
دون الله إن أرادنى الله بضر هل هن كاشفات ضره أو أرادنى برحمة هل هن ممسكات رحمته قل حسبى الله عليه يتوكل المتوكلون * قل ياقوم اعملوا على مكانتكم إنى عامل فسوف تعلمون * من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم * إنآ أنزلنا عليك الكتاب للناس بالحق فمن اهتدى فلنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها ومآ أنت عليهم بوكيل * الله يتوفى الا نفس حين موتها والتى لم تمت فى منامها فيمسك التى قضى عليها الموت ويرسل الا خرى إلى أجل مسمى إن فى ذلك لايات لقوم يتفكرون * أم اتخذوا من دون الله شفعآء قل أولو كانوا لا يملكون شيئا ولا يعقلون * قل لله الشفاعة جميعا له ملك السماوات والا رض ثم إليه ترجعون * وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالا خرة وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون * قل اللهم فاطر السماوات والا رض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فى ما كانوا فيه يختلفون * ولو أن للذين ظلموا ما فى الا رض جميعا ومثله معه لافتدوا به من سوء العذاب يوم القيامة وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون * وبدا لهم سيئات ما كسبوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزءون * فإذا مس الإنسان ضر دعانا ثم إذا خولناه نعمة منا قال إنمآ أوتيته على علم بل هى فتنة ولاكن أكثرهم لا يعلمون * قد قالها الذين من قبلهم فمآ أغنى عنهم ما كانوا يكسبون * فأصابهم سيئات ما كسبوا والذين ظلموا من هاؤلاء سيصيبهم سيئات ما كسبوا وما هم بمعجزين * أولم يعلموا أن الله يبسط الرزق لمن يشآء ويقدر إن فى ذلك لايات لقوم يؤمنون * قل ياعبادى الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم * وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون * واتبعوا أحسن مآ أنزل إليكم من ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون * أن تقول نفس ياحسرتى على ما فرطت فى جنب الله وإن كنت لمن الساخرين * أو تقول لو أن الله هدانى لكنت من المتقين * أو تقول حين ترى العذاب لو أن لى كرة فأكون من المحسنين * بلى قد جآءتك ءاياتى فكذبت بها واستكبرت وكنت من الكافرين * ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة أليس فى جهنم مثوى للمتكبرين * وينجى الله الذين اتقوا بمفازتهم لا يمسهم السوء ولا هم يحزنون * الله خالق كل شىء وهو على كل شىء وكيل * له مقاليد السماوات والا رض والذين كفروا بأايات الله أولائك هم الخاسرون * قل أفغير الله تأمرونى أعبد أيها الجاهلون * ولقد أوحى إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين * بل الله فاعبد وكن من الشاكرين * وما قدروا الله حق قدره والا رض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون * ونفخ فى الصور فصعق من فى السماوات ومن فى الا رض إلا من شآء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون * وأشرقت الا رض بنور ربها ووضع الكتاب وجىء بالنبيين والشهدآء وقضى بينهم بالحق وهم لا يظلمون * ووفيت كل نفس ما عملت وهو أعلم بما يفعلون) * قوله تعالى: * (أليس الله بكاف عبده) *. قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة الأنفال، في الكلام على قوله تعالى: * (ياأيها النبى حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين) * وعلى قراءة الجمهور بكاف عبده، بفتح العين وسكون الباء، بإفراد العبد، والمراد به، النبي صلى الله عليه وسلم. كقوله: * (فسيكفيكهم الله) * وقوله تعالى: * (ياأيها النبى حسبك الله) *.
وأما على قراءة حمزة والكسائي عباده بكسر العين وفتح الباء بعدها ألف على أنه جمع عبد، فالظاهر أنه يشمل عباده الصالحين من الأنبياء وأتباعهم. قوله تعالى: * (ويخوفونك بالذين من دونه) *. ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة، أن الكفار عبدة الأوثان، يخوفون النبي صلى الله عليه وسلم، بالأوثان التي يعبدونها من دون الله ، لأنهم يقولون له: إنها ستضره وتخبله، وهذه عادة عبدة الأوثان لعنهم الله، يخوفون الرسل بالأوثان ويزعمون أنها ستضرهم وتصل إليهم بالسوء.
ومعلوم أن أنبياء الله عليهم صلوات الله وسلامه، لا يخافون غير الله ولا سيما الأوثان، التي لا تسمع ولا تبصر، ولا تضر ولا تنفع، ولذا قال تعالى عن نبيه إبراهيم لما خوفوه بها * (وكيف أخاف مآ أشركتم ولا تخافون أنكم أشركتم بالله ما لم ينزل به عليكم سلطانا فأى الفريقين أحق بالا من) *.
وقال عن نبيه هود وما ذكره له قومه من ذلك * (إن نقول إلا اعتراك بعض ءالهتنا بسوء قال إنى أشهد الله واشهدوا أنى برىء مما تشركون من دونه فكيدونى جميعا ثم لا تنظرون إنى توكلت على الله ربى وربكم ما من دآبة إلا هو ءاخذ بناصيتهآ إن ربى على صراط مستقيم) *.
وقال تعالى في هذه السورة الكريمة، مخاطبا نبينا صلى الله عليه وسلم، بعد أن ذكر تخويفهم له بأصنامهم * (ولئن سألتهم من خلق السماوات والا رض ليقولن الله قل أفرأيتم ما تدعون من دون الله إن أرادنى الله بضر هل هن كاشفات ضره أو أرادنى برحمة هل هن ممسكات رحمته قل حسبى الله عليه يتوكل المتوكلون) *.
ومعلوم أن الخوف من تلك الأصنام من أشنع أنواع الكفر والإشراك بالله.
وقد بين جل وعلا في موضع آخر، أن الشيطان يخوف المؤمنين أيضا، الذين هم أتباع الرسل من أتباعه وأوليائه من الكفار، كما قال تعالى: * (إنما ذالكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين) *.
والأظهر أن قوله * (يخوف أولياءه) * حذف فيه المفعول الأول، أي يخوفكم أولياءه، بدليل قوله بعده: * (فلا تخافوهم وخافون) *. قوله تعالى: * (قل أفرأيتم ما تدعون من دون الله إن أرادنى الله بضر هل هن كاشفات ضره أو أرادنى برحمة هل هن ممسكات رحمته) *. ما ذكره جل وعلا في هذه الآية الكريمة من أن المعبودات من دونه، لا تقدر أن تكشف ضرا أراد الله به أحدا، أو تمسك رحمة أراد بها أحدا، جاء موضحا في آيات كثيرة، كقوله تعالى: * (لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغنى عنك شيئا) * وقوله تعالى: * (قال هل يسمعونكم إذ تدعون أو ينفعونكم أو يضرون قالوا بل وجدنآ ءابآءنا كذلك يفعلون) *. وقوله تعالى: * (ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم) * وقوله تعالى * (وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا رآد لفضله يصيب به من يشآء من عباده) *، والآيات بمثل ذلك كثيرة معلومة. قوله تعالى: * (وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالا خرة وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون) *. قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة الصافات، في الكلام على قوله تعالى * (إنا كذلك نفعل بالمجرمين إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إلاه إلا الله يستكبرون) *. قوله تعالى: * (ولو أن للذين ظلموا ما فى الا رض جميعا ومثله معه لافتدوا به من سوء
(٣٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 359 360 361 362 363 364 365 366 367 368 369 ... » »»