أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٦ - الصفحة ٣٦٠
اثنين) *.
وما تضمنته هذه الآية الكريمة من سورة الزمر، قد أوضحناه في أول سورة سبأ في الكلام على قوله تعالى: * (يعلم ما يلج فى الا رض وما يخرج منها) *. قوله تعالى: * (ثم يخرج به زرعا مختلفا ألوانه) *. قد قدمنا الكلام على ما يماثله من الآيات في سورة الروم في الكلام على قوله تعالى: * (ومن ءاياته خلق السماوات والا رض واختلاف ألسنتكم وألوانكم) * وأحلنا عليه في سورة فاطر، في قوله تعالى: * (ألم تر أن الله أنزل من السمآء مآء فأخرجنا به ثمرات مختلفا ألوانها) *. قوله تعالى: * (ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يجعله حطاما إن فى ذلك لذكرى لا ولى الا لباب) *. قوله ثم يهيج: أي ثم بعد نضارة ذلك الزرع وخضرته ييبس، ويتم جفافه ويثور من منابته فتراه أيها الناظر مصفرا يابسا، قد زالت خضرته ونضارته. ثم يجعله حطاما أي فتاتا، متكسرا، هشيما، تذروه الرياح، إن في ذلك المذكور من حالات ذلك الزرع، المختلف الألوان، لذكري أي عبرة وموعظة وتذكيرا لأولي الألباب، أي لأصحاب العقول السليمة من شوائب الاختلال، فقد ذكر جل وعلا مصير هذا الزرع على سبيل الموعظة والتذكير، وبين في موضع آخر، أن ما وعظ به خلقه هنا من حالات هذا الزرع شبيه أيضا بالدنيا. فوعظ به في موضع وشبه به حالة الدنيا في موضع آخر، وذلك في قوله تعالى في سورة الحديد * (اعلموا أنما الحيواة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر فى الا موال والا ولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما) *. ويبين في سورة الروم أن من أسباب اصفراره المذكور إرسال الريح عليه، وذلك في قوله: * (ولئن أرسلنا ريحا فرأوه مصفرا لظلوا من بعده يكفرون) *. قوله تعالى: * (أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه) *. قد تقدم الكلام عليه في سورة الأنعام في الكلام على قوله تعالى: * (فمن يرد الله
(٣٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 355 356 357 358 359 360 361 362 363 364 365 ... » »»