أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٦ - الصفحة ٣٧٦
قوله تعالى: * (هو الذى يريكم ءاياته) *. ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة، أنه جل وعلا هو الذي يري خلقه آياته، أي الكونية القدرية ليجعلها علامات لهم على ربوبيته، واستحقاقه العبادة وحده ومن تلك الآيات الليل والنهار والشمس والقمر كما قال تعالى: * (ومن ءاياته اليل والنهار والشمس والقمر) *.
ومنها السماوات والأرضون، وما فيهما والنجوم، والرياح والسحاب، والبحار والأنهار، والعيون والجبال والأشجار وآثار قوم هلكوا، كما قال تعالى: * (إن في خلق السماوات والا رض واختلاف الليل والنهار) * إلى قوله * (لآيات لقوم يعقلون) *. وقال تعالى: * (إن فى خلق السماوات والا رض واختلاف اليل والنهار لايات لا ولى الا لباب. وقال تعالى: * (إن فى السماوات والا رض لايات للمؤمنين وفى خلقكم وما يبث من دآبة ءايات لقوم يوقنون واختلاف اليل والنهار ومآ أنزل الله من السمآء من رزق فأحيا به الا رض بعد موتها وتصريف الرياح ءايات لقوم يعقلون) * وقال تعالى * (إن فى اختلاف اليل والنهار وما خلق الله فى السماوات والا رض لآيات لقوم يتقون) *.
وما ذكره جل وعلا في آية المؤمن هذه، من أنه هو الذي يري خلقه آياته، بينه وزاده إيضاحا في غير هذا الموضع، فبين أنه يريهم آياته في الآفاق وفي أنفسهم، وأن مراده بذلك البيان أن يتبين لهم أن ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم حق، كما قال تعالى: * (سنريهم ءاياتنا فى الا فاق وفى أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق) *.
والآفاق جمع أفق وهو الناحية، والله جل وعلا قد بين من غرائب صنعه، وعجائبه، في نواحي سماواته وأرضه، ما يتبين به لكل عاقل أنه هو الرب المعبود وحده. كما أشرنا إليه، من الشمس والقمر والنجوم والأشجار والجبال، والدواب والبحار، إلى غير ذلك.
وبين أيضا أن من آياته التي يريهم ولا يمكنهم أن ينكروا شيئا منها تسخيره لهم الأنعام ليركبوها ويأكلوا من لحومها، وينتفعوا بألبانها، وزبدها وسمنها، وأقطها ويلبسوا من جلودها، وأصوافها وأوبارها وأشعارها، كما قال تعالى: * (الله الذى جعل لكم الا نعام لتركبوا منها ومنها تأكلون ولكم فيها منافع ولتبلغوا عليها حاجة فى صدوركم وعليها
(٣٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 371 372 373 374 375 376 377 378 379 380 381 ... » »»