ظاهر حديث كعب، حيث أمره بالحلق والفدية، فهو يدل على أن الفدية من أجل الحلق لا غيره.
ومما يؤيد ذلك: أن القمل لا قيمة له فهو كالبراغيث والبعوض، وليس القمل بمأكول، وليس بصيد.
قال صاحب المغني: وحكي عن ابن عمر قال: هي أهون مقتول، وسئل ابن عباس، عن محرم ألقى قملة، ثم طلبها فلم يجدها؟ قال: تلك ضالة لا تبتغى. قال: وهذا قول طاوس، وسعيد بن جبير، وعطاء، وأبي ثور، وابن المنذر، وعن أحمد فيمن قتل قملة قال: يطعم شيئا فعلى هذا أي شيء تصدق به أجزأه، سواء قتل كثيرا أو قليلا، وهذا قول أصحاب الرأي وقال إسحاق: تمرة فما فوقها. وقال مالك: حفنة من طعام. وروي ذلك عن ابن عمر، وقال عطاء: قبضة من طعام.
وهذه الأقوال كلها راجعة إلى ما قلناه، فإنهم لم يريدوا بذلك التقدير، وإنما هو على التقريب لأقل ما يتصدق به. انتهى من المغني. ولا يخفى أنها أقوال لا دليل على شيء منها.
وحجة القائلين بها في الجملة: أن قتل القمل فيه ترفه للمحرم، والعلم عند الله تعالى.
وأما الحجامة: إن دعت إليها ضرورة، فلا خلاف في جوازها للمحرم، وإنما اختلف أهل العلم في الفدية، إن احتجم. أما جوازها لضرورة فهو ثابت، عن النبي صلى الله عليه وسلم ثبوتا لا مطعن فيه.
قال البخاري في صحيحه: باب الحجامة للمحرم: وكوى ابن عمر ابنه، وهو محرم، ويتداوى ما لم يكن فيه طيب.
حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا سفيان، قال: قال عمرو: أول شيء سمعت عطاء يقول: سمعت ابن عباس رضي الله عنهما يقول: احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو محرم، ثم سمعته يقول: حدثني طاوس، عن ابن عباس فقلت: لعله سمعه منها.
حدثنا خالد بن مخلد، حدثنا سليمان بن بلال، عن علقمة بن أبي علقمة، عن عبد الرحمان الأعرج، عن ابن بحينة رضي الله عنه قال (احتجم النبي صلى الله عليه وسلم وهو محرم بلحيى جمل في وسط رأسه) انتهى من صحيح البخاري.