أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٥ - الصفحة ٩٨
ويجوز كسرها وسكون الحاء وياء مثناة تحتية، وفي بعض رواياته: بياءين بصيغة التثنية، وجمل يفتح الجيم، والميم. وقد جاء في الروايات، أنه اسم موضع بين مكة، والمدينة. وقال في الفتح: قال ابن وضاح: هي بقعة معروفة وهي عقبة الجحفة على سبعة أميال من السقيا ا ه.
وقال صاحب القاموس: ولحى جمل موضع بين الحرمين، وإلى المدينة أقرب. وزعم صاحب القاموس: أن السقيا بالضم: موضع بين المدينة، ووادي الصفراء، وما ظنه بعضهم: من أن المراد به أحد فكي الجمل الذي هو ذكر الإبل، وأن فكه كان هو آلة الحجامة، فهو غلط لا شك فيه.
فهذه النصوص التي ذكرنا لا يبقى معها شك في جواز الحجامة للمحرم الذي به وجع يحتاج إلى الحجامة.
أما ما يلزم في ذلك فاختلفوا فيه: قال النووي في شرح مسلم: وفي هذا الحديث دليل لجواز الحجامة للمحرم. وقد أجمع العلماء على جوازها له في الرأس وغيره، إذا كان له عذر في ذلك وإن قطع الشعر حينئذ، لكن عليه الفدية لقطع الشعر، فإن لم يقطع فلا فدية عليه، ودليل المسألة قوله تعالى * (فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية) *. وهذا الحديث محمول على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان له عذر في الحجامة في وسط الرأس، لأنه لا ينفك عن قطع شعر، أما إذا أراد المحرم الحجامة لغير حاجة، فإن تضمنت قلع شعر، فهي حرام لتحريم قطع الشعر وإن لم تتضمن ذلك، بأن كانت في موضع لا شعر فيه، فهي جائزة عندنا.
وعند الجمهور: ولا فدية فيها، ووافق الجمهور سحنون، من أصحاب مالك، وعن ابن عمر ومالك كراهتها، وعن الحسن البصري: فيها الفدية.
دليلنا: أن إخراج الدم ليس حراما في الإحرام. انتهى منه.
وما ذكره النووي، عن ابن عمر ومالك: من كراهة الحجامة لغير عذر، ذكره مالك في الموطأ، عن نافع، عن ابن عمر بلفظ: أنه كان يقول: (لا يحتجم المحرم إلا مما لا بد منه) وفيه قال مالك: لا يحتجم المحرم إلا من ضرورة، ولا شك أنها إن أدت إلى قطع شعر من غير حاجة إليها أنها حرام، وإن كانت لا تؤدي إلى قطع شعر، فقد وجه المالكية كراهتها المذكورة، عن مالك وابن عمر بأمرين.
(٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 ... » »»