الموطأ عن نافع: أن عبد الله بن عمر، كان يكره أن ينزع المحرم حلمة، أو قرادا عن بعيره. قال مالك: وذلك أحب ما سمعت إلي في ذلك. وقوله: يقرد بعيره: أي ينزع عنه القراد ويرميه.
وأما تضميد العين بالصبر ونحوه مما لا طيب فيه لضرورة الوجع فلا خلاف فيه، بين العلماء وأنه لا فدية فيه، كما أجمعوا على أنه إن دعته الضرورة إلى تضميد العين ونحوها بما فيه طيب. أن ذلك جائز له، وعليه الفدية.
ومن أدلتهم على جواز تضميد العين بالصبر ونحوه: ما رواه مسلم في صحيحه: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وعمرو الناقد، وزهير بن حرب جميعا، عن ابن عيينة قال أبو بكر: حدثنا سفيان بن عيينة، حدثنا أيوب بن موسى، عن نبيه بن وهب قال: خرجنا مع أبان بن عثمان، حتى إذا كنا بملل اشتكى عمر بن عبيد الله عينيه، فلما كنا بالروحاء اشتد وجعه، فأرسل إلى أبان بن عثمان يسأله، فأرسل إليه: أن اضمدهما بالصبر، فإن عثمان رضي الله عنه حدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الرجل إذا اشتكى عينيه، وهو محرم ضمدهما بالصبر. وفي لفظ عن مسلم: أن عمر بن عبيد الله بن معمر رمدت عينه، فأراد أن يكحلها، فنهاه أبان بن عثمان، وأمره أن يضمدها بالصبر، وحدث عن عثمان بن عفان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه فعل ذلك. انتهى من صحيح مسلم.
وأما السواك في الإحرام، فلا خلاف في جوازه بين أهل العلم.
قال الشيخ الحطاب في شرحه لقول خليل في مختصره: وربط جرحه ما نصه: قال التادلي في مناسك ابن الحاج: وأجمع أهل العلم على أن للمحرم أن يتسوك، وإن دمي فمه. انتهى.
وقال ابن عرفة الشيخ: روى محمد والعتبي: للمحرم أن يتسوك، ولو أدمى فاه انتهى، ثم قال: قلت: لا يلزم من منع القاضي الزينة منع السواك بالجوزاء ونحوه. انتهى والله أعلم. انتهى كلام الحطاب.
فصل فيما تتعدد فيه الفدية ونحوهاوما لا يتعدد فيه ذلك وأقوال العلماء فيه اعلم أولا أن هذا الفصل يدخل في مسألة كبيرة، يذكرها علماء الأصول في مبحث الأمر وهي: هل الأمر يقتضي التكرار أو لا؟ وهي ذات واسطة وطرفين، طرف يتعدد فيه اللازم بلا خلاف، وطرف لا يتعدد فيه، بلا خلاف، وواسطة: هي محل الخلاف، وهذا البحث أعم مما نحن بصدده، ولكن إذا تكلمنا عليه على سبيل العموم، رحعنا إلى