أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٥ - الصفحة ٩٤
جابر بن عبد الله ومالك: غسل المحرم رأسه بالخطمى قال مالك: وعليه الفدية وبه قال أبو حنيفة وقال أبو يوسف، ومحمد: عليه صدقة. قال ابن المنذر: هو مباح لحديث ابن عباس. انتهى محل الغرض منه.
وقد قدمنا جواز غسل الرأس بالماء وحده، عن المالكية، وكراهة غمس الرأس في الماء ما لم يتيقن أنه لا يقتل بذلك بعض دواب الرأس.
وقال صاحب اللسان: والخطمى: ضرب من النبات، يغسل به، وفي الصحاح: يغسل به الرأس. قال الأزهري: هو بفتح الخاء، ومن قال: خطمى بكسر الخاء فقد لحن، وفي المدونة عن مالك: لا يدخل المحرم الحمام، فإن دخله، وتدلك، وألقى الوسخ: افتدى. وقال اللخمي: أرى أن يفتدي، ولو لم يتدلك، لأن الشأن فيمن دخل الحمام، ثم اغتسل أن الشعث يذهب عنه، ولو لم يتدلك ا ه بواسطة نقل المواق.
فتحصل: أن مطلق الغسل الذي لا تنظيف فيه لا خلاف فيه إلا ما رواه مالك، عن ابن عمر: (أنه كان لا يغسل رأسه وهو محرم إلا من احتلام) وروى مالك في الموطأ، عن عمر بن الخطاب (أنه غسل رأسه، وهو محرم، وأمر يعلى بن منية: أن يصب على رأسه أي عمر الماء. وقال: اصبب، فلن يزيده الماء إلا شعثا). وقد ثبت في الصحيحين جوازه، وأن إزالة الوسخ بالتدلك في الحمام، وغسل الرأس بالخطمى ونحو ذلك: فيه خلاف كما رأيت أقوال أهل العلم فيه.
وحجة من قال: من التدلك وإزالة الوسخ لا شيء فيه حديث ابن عباس في المحرم الذي خر عن بعيره، ومات، ونهاهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يخمروا رأسه ووجهه، وعلل ذلك: بأنه يبعث ملبيا، ومع ذلك فقد أمرهم أن يغسلوه بماء وسدر، وذلك ثابت في الصحيح، وأن الأصل عدم الوجوب.
واحتج من منع إزالة الوسخ: بأن الوسخ من التفث وقد دلت آية * (ثم ليقضوا تفثهم) * على أن إزالة التفث: لا تجوز قبل وقت التحلل الأول.
واحتجوا أيضا بحديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن الله تعالى يباهي بأهل عرفات أهل السماء فيقول لهم: انظروا إلى عبادي جاؤوني شعثا غبرا) قال النووي في شرح المهذب: رواه البيهقي، بإسناد صحيح.
وأخرج الترمذي، وابن ماجة، عن ابن عمر أنه صلى الله عليه وسلم قال: (الحاج الشعث التفل) وفيه إبراهيم بن يزيد الخوزي.
(٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 ... » »»