الرأس، فلا تتعين دلالة الآية على لزوم الفدية، في من أزال شعرا قليلا، لأجل تمكن آلة الحجامة من موضع الوجع والله تعالى أعلم.
وممن قال بأن إزالة الشعر عن موضع الحجامة: لا فدية فيه: محمد وأبو يوسف صاحبا أبي حنيفة بل قالا: في ذلك صدقة، وقد قدمنا مرارا: أن الصدقة عندهم نصف صاع من بر أو صاع كامل من غيره كتمر وشعير.
والحاصل: أن أكثر أهل العلم منهم الأئمة الأربعة، على أنه إن حلق الشعر لأجل تمكن آلة الحجامة، لزمته الفدية على التفصيل المتقدم في قدر ما تلزم به الفدية، من حلق الشعر كما تقدم إيضاحه. وأن عدم لزومها عندنا له وجه من النظر قوي، وحكاه ابن بشير من المالكية. وأما إن لم يحلق بالحجامة شعرا، فقد قدمنا قريبا أقوال أهل العلم فيها، وتفصيلهم بين ما تدعو إليه الضرورة، وبين غيره. والعلم عند الله تعالى.
واستدل أهل العلم بأحاديث الحجامة المذكورة، على جواز الفصد، وربط الجرح، والدمل، وقلع الضرس، والختان: وقطع العضو، وغير ذلك من وجوه التداوي، إذا لم يكن في ذلك محظور: كالطيب، وقطع الشعر.
وأما الحك فإن كان في موضع لا شعر فيه فلا ينبغي أن يختلف في جوازه، وإن كان في موضع فيه شعر كالرأس، وكان برفق بحيث لا يحصل به نتف بعض الشعر فكذلك، وإن كان بقوة بحيث يحصل به نتف بعض الشعر، فالظاهر أنه لا يجوز.
وهذا هو الصواب إن شاء الله في مسألة الحك. ولم أعلم في ذلك بشيء مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم. وإنما فيه بعض الآثار عن الصحابة رضي الله عنهم، وقد قدمنا قول البخاري، ولم ير ابن عمر وعائشة بالحك بأسا.
وروى مالك في الموطأ عن علقمة بن أبي علقمة عن أمه أنها قالت: سمعت عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تسأل عن المحرم، أيحك جسده؟ قالت: نعم فليحككه، وليشدد، ولو ربطت يداي، ولم أجد إلا رجلي لحككت ا ه.
وأما نزع القراد والحلمة من بعيره، فقد أجازه عمر بن الخطاب. وكرهه ابن عمر ومالك. وقد روى مالك في الموطأ، عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، عن ربيعة بن أبي عبد الله بن الهدير: أنه رأى عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقرد بعيرا له في طين بالسقيا، وهو محرم. قال مالك: وأنا أكرهه. وروي أيضا في