أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٥ - الصفحة ٩١
تلبس به قبل الإحرام، من موضع من بدنه إلى موضع آخر بعد الإحرام، فهو ابتداء تطيب في ذلك الموضع، الذي نقله إليه، وكذلك إن تعمد مسه بيده أو نحاه من موضعه، ثم رده إليه، لأن كل تلك الصور فيها ابتداء تلبس جديد بعد الإحرام بالطيب، وهو لا يجوز. أما إن كان قد عرق فسال الطيب من موضعه إلى موضع آخر فلا شيء عليه في ذلك، لأنه ليس من فعله.
ولحديث عائشة: عند أبي داود الذي ذكرناه قريبا. وقال بعض علماء المالكية: ولا فرق في ذلك، بين أن يكون الطيب في بدنه، أو ثوبه، إلا أنه إذا نزع ثوبه لا يعود إلى لبسه، فإن عاد فهل عليه في العود فدية، يحتمل أن نقول: لا فدية، لأن ما فيه قد ثبت له حكم العفو كما لو لم ينزعه. وقال أصحاب الشافعي: تجب عليه الفدية، لأنه لبس جديد وقع بثوب مطيب. انتهى من الحطاب والعلم عند الله تعالى.
الفرع السابع عشر: في أحكام أشياء متفرقة: كالنظر في المرآة للمحرم، وغسل الرأس، والبدن وما يلزم من قتل بغسله رأسه قملا، والحجامة، وحك الجسد، والرأس وتقريد البعير، وتضميد العين بالصبر ونحوه، والسواك. أما النظر في المرآة: فالظاهر أنه لا بأس به للمحرم، ولم يرد شيء يدل على النهي عنه فيما أعلم.
وقال البخاري رحمه الله في صحيحه: باب الطيب عند الإحرام، وما يلبس إذا أراد أن يحرم ويترجل، ويدهن. وقال ابن عباس رضي الله عنهما: يشم المحرم الريحان، وينظر في المرآة، ويتداوى بما يأكل الزيت والسمن، وقال عطاء: يتختم ويلبس الهميان، وطاف ابن عمر رضي الله عنهما، وهو محرم، وقد حزم على بطنه بثوب، ولم تر عائشة رضي الله عنها بالتبان بأسا للذين يرحلون هودجها انتهى منه.
ومحل الشاهد عنه قول ابن عباس: وينظر في المرآة وهذه المسائل التي ذكرها البخاري، قد قدمنا كلها وأوضحنا مذاهب العلماء فيها، إلا النظر في المرآة الذي هو غرضنا منها الآن. وكون عائشة لم تر بأسا بالتبان، للذين يرحلون هودجها، والتبان كرمان، سراويل صغير يستر العورة المغلظة، وإباحة عائشة للتبان للذين يرحلون هودجها قريب من قول المالكية: بجواز الاستثفار للركوب والنزول وما ذكره البخاري عن ابن عمر من: (أنه طاف وهو محرم، وقد حزم على بطنه بثوب) خصص المالكية، جواز شد الحزام
(٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 87 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 ... » »»