أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٢ - الصفحة ٢٢
وقال في وصف المخلوق به: * (فلما كلمه قال إنك اليوم لدينا مكين أمين) *. * (اليوم نختم على أفواههم وتكلمنآ أيديهم) * * (قالوا كيف نكلم من كان فى المهد صبيا) *، ونحو ذلك من الآيات.
فله جل وعلا كلام حقيقي يليق بكماله وجلاله. وللمخلوق كلام أيضا مناسب لحاله. وبين كلام الخالق والمخلوق من المنافاة ما بين ذات الخالق والمخلوق.
وهذه الصفات السبع المذكورة يثبتها كثير ممن يقول بنفي غيرها من صفات المعاني.
والمعتزلة ينفونها ويثبتون أحكامها فيقولون: هو تعالى حي قادر، مريد عليم، سميع بصير، متكلم بذاته لا بقدرة قائمة بذاته، ولا إرادة قائمة بذاته هكذا فرارا منهم من تعدد القديم.
ومذهبهم الباطل لا يخفى بطلانه وتناقضه على أدنى عاقل. لأن من المعلوم أن الوصف الذي منه الاشتقاق إذا عدم فالاشتقاق منه مستحيل فإذا عدم السواد عن جرم مثلا استحال أن تقول هو أسود، إذ لا يمكن أن يكون أسود ولم يقم به سواد، وكذلك إذا لم يقم العلم والقدرة بذات، استحال أن تقول: هي عالمة قادرة لاستحالة اتصافها بذلك، ولم يقم بها علم ولا قدرة. قال في (مراقي السعود): ومذهبهم الباطل لا يخفى بطلانه وتناقضه على أدنى عاقل. لأن من المعلوم أن الوصف الذي منه الاشتقاق إذا عدم فالاشتقاق منه مستحيل فإذا عدم السواد عن جرم مثلا استحال أن تقول هو أسود، إذ لا يمكن أن يكون أسود ولم يقم به سواد، وكذلك إذا لم يقم العلم والقدرة بذات، استحال أن تقول: هي عالمة قادرة لاستحالة اتصافها بذلك، ولم يقم بها علم ولا قدرة. قال في (مراقي السعود):
* وعند فقد الوصف لا يشتق * وأعوز المعتزلي الحق * وأما الصفات المعنوية عندهم: فهي الأوصاف المشتقة من صفات المعاني السبع المذكورة، وهي كونه تعالى: قادرا، مريدا عالما حيا، سميعا بصيرا، متكلما.
والتحقيق أنها عبارة عن كيفية الاتصاف بالمعاني، وعد المتكلمين لها صفات زائدة على صفات المعاني، مبني على ما يسمونه الحال المعنوية. زاعمين أنها أمر ثبوتي ليس بموجود، ولا معدوم. والتحقيق الذي لا شك فيه أن هذا الذي يسمونه الحال المعنوية لا أصل له، وإنما هو مطلق تخييلات يتخيلونها. لأن العقل الصحيح حاكم حكما لا يتطرقه شك بأنه لا واسطة بين النقيضين البتة. فالعقلاء كافة مطبقون على أن النقيضين لا يجتمعان، ولا يرتفعان، ولا واسطة بينهما البتة، فكل ما هو غير موجود، فإنه معدوم قطعا، وكل ما هو غير معدوم، فإنه موجود قطعا، وهذا مما لا شك فيه كما ترى.
(٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 ... » »»