أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٢ - الصفحة ٢٥
نفسه بأنه ينبئ، ووصف المخلوق بذلك، وجمع المثالين في قوله تعالى: * (وإذ أسر النبى إلى بعض أزواجه حديثا فلما نبأت به وأظهره الله عليه عرف بعضه وأعرض عن بعض فلما نبأها به قالت من أنبأك هاذا قال نبأنى العليم الخبير) *. ووصف نفسه بالإيتاء، فقال: * (ألم تر إلى الذى حاج إبراهيم فى ربه أن آتاه الله الملك) *، وقال: * (يؤتى الحكمة من يشاء) *، وقال: * (ويؤت كل ذي فضل فضله) *، وقال: * (ذالك فضل الله يؤتيه من يشآء) *.
وقال في وصف الحادث بذلك: * (وءاتيتم إحداهن قنطارا) *، * (وءاتوا اليتامى أموالهم) *، * (وءاتوا النسآء صدقاتهن نحلة) *. وأمثال هذا كثيرة جدا في القرآن العظيم.
ومعلوم أن ما وصف به الله من هذه الأفعال فهو ثابت له حقيقة على الوجه اللائق بكماله وجلاله. وما وصف به المخلوق منها فهو ثابت له أيضا، على الوجه المناسب لحاله، وبين وصف الخالق والمخلوق من المنافاة ما بين ذات الخالق والمخلوق.
وأما الصفات الجامعة، كالعظم والكبر والعلو، والملك والتكبر والجبروت، ونحو ذلك. فإنها أيضا يكثر جدا وصف الخالق والمخلوق بها في القرآن الكريم.
ومعلوم أن ما وصف به الخالق منها مناف لما وصف به المخلوق، كمنافاة ذات الخالق لذات المخلوق. قال في وصف نفسه جلا وعلا بالعلو والعظم والكبر: * (ولا يؤوده حفظهما وهو العلى العظيم) *، * (إن الله كان عليا كبيرا) *، * (عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال) *.
وقال في وصف الحادث بالعظم: * (فكان كل فرق كالطود العظيم) * * (إنكم لتقولون قولا عظيما) *، * (ولها عرش عظيم) *، * (عليه توكلت وهو رب العرش العظيم) * إلى غير ذلك من الآيات.
وقال في وصف الحادث بالكبر: * (لهم مغفرة وأجر كبير) *، وقال: * (إن قتلهم كان خطئا كبيرا) *، وقال: * (إلا تفعلوه تكن فتنة فى الا رض وفساد كبير) *، وقال: * (وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله) *، وقال: * (وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين) *.
(٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 ... » »»