أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٢ - الصفحة ٣٣
ومنها: أنها شبهت بفعيل بمعنى مفعول الذي يستوي فيه الذكر والأنثى.
ومنها: أن الأسماء التي على فعيل ربما شبهت بالمصدر الآتي على فعيل، فأفردت لذلك. قال بعضهم: ولذلك أفرد الصديق في قوله: * (أو ما ملكتم مفاتحه أو صديقكم) *، وقول الشاعر: وهن صديق لمن لم يشب اه والظهير في قوله: * (والملائكة بعد ذالك ظهير) * إلى غير ذلك من الأوجه.
قوله تعالى: * (وهو الذى يرسل الرياح بشرى بين يدى رحمته) *.
قراءة عاصم * (بشرا) * بضم الباء الموحدة، وإسكان الشين: جمع بشير، لأنها تنتشر أمام المطر مبشرة به، وهذا المعنى يوضحه قوله تعالى: * (ومن ءاياته أن يرسل الرياح مبشرات) *، وقوله: * (بين يدى رحمته) *، يعني برحمته المطر كما جاء مبينا في غير هذا الموضع كقوله: * (وهو الذى ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته) *، وقوله: * (فانظر إلىءاثار رحمة الله كيف يحى الا رض بعد موتهآ) *. * (وهو الذى يرسل الرياح بشرى بين يدى رحمته حتى إذآ أقلت سحابا ثقالا سقناه لبلد ميت فأنزلنا به المآء فأخرجنا به من كل الثمرات كذالك نخرج الموتى لعلكم تذكرون) * قوله تعالى: * (حتى إذآ أقلت سحابا ثقالا سقناه لبلد ميت) *.
بين في هذه الآية الكريمة أنه يحمل السحاب على الريح، ثم يسوقه إلى حيث يشاء من بقاع الأرض، وأوضح هذا المعنى بآيات كثيرة كقوله: * (والله الذى أرسل الرياح فتثير سحابا فسقناه إلى بلد ميت) *. وقوله: * (أولم يروا أنا نسوق المآء إلى الا رض الجرز فنخرج به زرعا تأكل منه أنعامهم وأنفسهم أفلا يبصرون) * إلى غير ذلك من الآيات.
قوله تعالى: * (أو عجبتم أن جآءكم ذكر من ربكم على رجل منكم لينذركم) *.
أنكر تعالى في هذه السورة الكريمة على قوم نوح، وقوم هود عجبهم من إرسال رجل. وبين في مواضع أخر أن جميع الأمم عجبوا من ذلك. قال في عجب قوم نبينا صلى الله عليه وسلم من ذلك: * (أكان للناس عجبا أن أوحينآ إلى رجل منهم أن أنذر الناس) *، وقال: * (بل عجبوا أن جآءهم منذر منهم) *، وقال عن الأمم السابقة: * (ذالك بأنه كانت تأتيهم
(٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 ... » »»