أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٢ - الصفحة ١٦٢
العذاب، وسبقت له في علم الله الشقاوة لا ينفعه وضوح أدلة الحق، وذكر هذا المعنى في آيات كثيرة كقوله تعالى: * (وما تغنى الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون) * وقوله: * (وإن يروا ءاية يعرضوا) *، وقوله: * (وما تأتيهم من ءاية من ءايات ربهم إلا كانوا عنها معرضين) * وقوله: * (وكأين من ءاية فى السماوات والا رض يمرون عليها وهم عنها معرضون) * وقوله: * (سوآء عليهم ءأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون) *.
والآيات بمثل ذلك كثيرة جدا.
قوله تعالى: * (إلا قوم يونس لمآ ءامنوا كشفنا عنهم عذاب الخزى فى الحيواة الدنيا ومتعناهم إلى حين) *.
ظاهر هذه الآية الكريمة أن إيمان قوم يونس ما نفعهم إلا في الدنيا دون الآخرة، لقوله: * (كشفنا عنهم عذاب الخزى فى الحيواة الدنيا) *.
ويفهم من مفهوم المخالفة في قوله: * (فى الحيواة الدنيا) * أن الآخرة ليست كذلك، ولكنه تعالى أطلق عليهم اسم الإيمان من غير قيد في سورة (الصافات) والإيمان منقذ من عذاب الدنيا وعذاب الآخرة، كما أنه بين في (الصافات) أيضا كثرة عددهم وكل ذلك في قوله تعالى: * (وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون فأامنوا فمتعناهم إلى حين) *. * (ولو شآء ربك لآمن من فى الا رض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين * وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله ويجعل الرجس على الذين لا يعقلون * قل انظروا ماذا فى السماوات والا رض وما تغنى الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون * فهل ينتظرون إلا مثل أيام الذين خلوا من قبلهم قل فانتظروا إنى معكم من المنتظرين * ثم ننجى رسلنا والذين ءامنوا كذلك حقا علينا ننج المؤمنين * قل ياأيها الناس إن كنتم فى شك من دينى فلا أعبد الذين تعبدون من دون الله ولاكن أعبد الله الذى يتوفاكم وأمرت أن أكون من المؤمنين * وأن أقم وجهك للدين حنيفا ولا تكونن من المشركين * ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك إذا من الظالمين * وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا رآد لفضله يصيب به من يشآء من عباده وهو الغفور الرحيم * قل ياأيها الناس قد جآءكم الحق من ربكم فمن اهتدى فإنما يهتدى لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها ومآ أنا عليكم بوكيل * واتبع ما يوحى إليك واصبر حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين) * قوله تعالى: * (ولو شآء ربك لآمن من فى الا رض كلهم جميعا) *.
صرح تعالى في هذه الآية الكريمة: أنه لو شاء إيمان جميع أهل الأرض لآمنوا كلهم جميعا، وهو دليل واضح على أن كفرهم واقع بمشيئته الكونية القدرية. وبين ذلك أيضا في آيات كثيرة كقوله تعالى: * (ولو شآء الله مآ أشركوا) *، وقوله: * (ولو شئنا لاتينا كل نفس هداها) *، وقوله: * (ولو شآء الله لجمعهم على الهدى) * إلى غير ذلك من الآيات.
قوله تعالى: * (أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين) *.
بين تعالى في هذه الآية الكريمة أن من لم يهده الله فلا هادي له، ولا يمكن أحدا أن يقهر قلبه على الانشراح إلى الإيمان إلا إذا أراد الله به ذلك.
وأوضح ذلك المعنى في آيات كثيرة كقوله: * (ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا) *، وقوله: * (إن تحرص على هداهم فإن الله لا يهدى من يضل) *
(١٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 ... » »»