العدول عنه لمنصف.
ومما يدل على أن تارك الأمر بالمعروف غير مهتد أن الله تعالى أقسم أنه في خسر في قوله تعالى: * (والعصر إن الإنسان لفى خسر إلا الذين ءامنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر) * فالحق وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبعد أداء الواجب لا يضر الآمر ضلال من ضل. وقد دلت الآيات كقوله تعالى: * (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خآصة) * والأحاديث على أن الناس إن لم يأمروا بالمعروف ولم ينهوا عن المنكر عمهم الله بعذاب من عنده.
فمن ذلك ما خرجه الشيخان في صحيحهما عن أم المؤمنين أم الحكم زينب بنت جحش رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها فزعا مرعوبا يقول: لا إله إلا الله ويل للعرب من شر قد اقترب فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه وحلق بإصبعيه الإبهام والتي تليها فقلت: يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم إذا كثر الخبث.
وعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: مثل القائم في حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فصار بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها وكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا أخرجه البخاري والترمذي. وعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال: يا أيها الناس إنكم تقرؤون هذه الآية * (يا أيها الذين ءامنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم) * وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن رأى الناس الظالم فلم يأخذوا على يده أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه رواه أبو داود والترمذي والنسائي بأسانيد صحيحة وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أول ما دخل النقص على بني إسرائيل أنه كان الرجل يلقى الرجل فيقول: يا هذا اتق الله ودع ما تصنع فإنه لا يحل لك ثم يلقاه من الغد وهو على حاله فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشربيه وقعيده فلما فعلوا