أضواء البيان - الشنقيطي - ج ١ - الصفحة ٤٦٢
إذا رأوا المنكر فلم يغيروه عمهم الله بالعذاب صالحهم وطالحهم وبه فسرها جماعة من أهل العلم والأحاديث الصحيحة شاهدة لذلك كما قدمنا طرفا منها.
مسائل تتعلق بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر المسألة الأولى: اعلم أن كلا من الآمر والمأمور يجب عليه اتباع الحق المأمور به وقد دلت السنة الصحيحة على أن من يأمر بالمعروف ولا يفعله وينهي عن المنكر ويفعله أنه حمار من حمر جهنم يجر أمعاءه فيها.
وقد دل القرآن العظيم على أن المأمور المعرض عن التذكرة حمار أيضا أما السنة المذكورة فقوله صلى الله عليه وسلم يجاء بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتابه فيدور بها في النار كما يدور الحمار برحاه فيطيف به أهل النار فيقولون: أي فلان ما أصابك ألم تكن تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر فيقول: كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه وأنهاكم عن المنكر وآتيه أخرجه الشيخان في صحيحيهما من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما.
ومعنى تندلق أقتابه: تتدلى أمعاؤه أعاذنا الله والمسلمين من كل سوء وعن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رأيت ليلة أسرى بي رجالا تقرض شفاههم بمقاريض من نار كلما قرضت رجعت فقلت لجبريل: من هؤلاء؟ قال: هؤلاء خطباء من أمتك كانوا يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم وهم يتلون الكتاب أفلا يعقلون أخرجه الإمام أحمد وابن أبي شيبة وعبد بن حميد والبزار وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية وابن حيان وابن مردويه والبيهقي كما نقله عنهم الشوكاني وغيره. وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه جاءه رجل فقال له: يا ابن عباس إني أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر فقال ابن عباس: أو بلغت ذلك؟ فقال أرجو قال: فإن لم تخش أن تفتضح بثلاثة أحرف في كتاب الله فافعل قال: وما هي؟ قال قوله تعالى: * (أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم) * وقوله تعالى: * (كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون) * وقوله تعالى عن العبد الصالح شعيب عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام * (ومآ أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه) *
(٤٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 457 458 459 460 461 462 463 464 465 466 467 ... » »»