وكذلك شجرها فذهب كثير من العلماء منهم مالك والشافعي في الجديد وأصحابهما وهو إحدى الروايتين عن أحمد وعليه أكثر أهل العلم إلى أنه موضع يجوز دخوله بغير إحرام فلم يجب فيه جزاء كصيد وج.
واستدلوا أيضا بقوله صلى الله عليه وسلم المدينة حرم ما بين عير وثور فمن أحدث فيها حدثا أو آوى فيها محدثا فعليه لعنه الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا فذكره صلى الله عليه وسلم لهذا الوعيد الشديد في الآخرة ولم يذكر كفارة في الدنيا دليل على أنه لا كفارة تجب فيه في الدنيا وهو ظاهر.
وقال ابن أبي ذئب وابن المنذر: يجب في صيد الحرم المدني الجزاء الواجب في صيد الحرم المكي وهو قول الشافعي في القديم. واستدل أهل هذا القول بأنه صلى الله عليه وسلم صرح في الأحاديث الصحيحة المتقدمة بأنه حرم المدينة مثل تحريم إبراهيم لمكة ومماثلة لتحريمها تقتضي استواءهما في جزاء من انتهك الحرمة فيهما.
قال القرطبي قال القاضي عبد الوهاب: وهذا القول أقيس عندي على أصولنا لا سيما أن المدينة عند أصحابنا أفضل من مكة وأن الصلاة فيها أفضل من الصلاة في المسجد الحرام اه.
قال مقيده عفا الله عنه: ومذهب الجمهور في تفضيل مكة وكثرة مضاعفة الصلاة فيها زيادة على المدينة بمائة ضعف أظهر لقيام الدليل عليه والله تعالى أعلم.
وذهب بعض من قال بوجوب الجزاء في الحرم المدني إلى أن الجزاء فيه هو أخذ سلب قاتل الصيد أو قاطع الشجر فيه.
قال مقيده عفا الله عنه: وهذا القول هو أقوى الأقوال دليلا. لما رواه مسلم في صحيحه عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أنه ركب إلى قصره بالعقيق فوجد عبدا يقطع شجرا أو يخبطه فسلبه فلما رجع سعد جاءه أهل العبد فكلموه أن يرد على غلامهم أو عليهم ما أخذ من غلامهم فقال: معاذ الله أن أرد شيئا نفلنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبى أن يرده عليهم رواه مسلم في صحيحه وأحمد وما ذكره القرطبي في تفسيره رحمه الله من أن هذا الحكم خاص بسعد رضي الله عنه مستدلا بأن قوله نفلنيه أي أعطانيه ظاهر في الخصوص به دون غيره فيه عندي أمران: