أضواء البيان - الشنقيطي - ج ١ - الصفحة ٤٦١
ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض ثم قال: * (لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داوود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون ترى كثيرا منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفى العذاب هم خالدون ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولاكن كثيرا منهم فاسقون) * ثم قال: كلا والله لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذن على يد الظالم ولتأطرنه على الحق أطرا ولتقصرنه على الحق قصرا أو ليضربن الله قلوب بعضكم ببعض ثم ليلعننكم كما لعنهم.
رواه أبو داود والترمذي وقال: حسن وهذا لفظ أبي داود ولفظ الترمذي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما وقعت بنو إسرائيل في المعاصي نهتهم علماؤهم فلم ينتهوا فجالسوهم وواكلوهم وشاربوهم فضرب الله قلوب بعضهم ببعض ولعنهم على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان متكئا فقال: لا والذي نفسي بيده حتى يأطروهم على الحق أطرا.
ومعنى تأطروهم أي تعطفوهم ومعنى تقصرونه: تحبسونه والأحاديث في الباب كثيرة جدا وفيها الدلالة الواضحة على أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر داخل في قوله * (إذا اهتديتم) * ويؤيده كثرة الآيات الدالة على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كقوله تعالى: * (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون) * وقوله * (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر) *. وقوله: * (لعن الذين كفروا من بنى إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون) * وقوله: * (وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) * وقوله: * (فاصدع بما تؤمر) * وقوله: * (أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون) * وقوله: * (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خآصة) *.
والتحقيق في معناها أن المراد بتلك الفتنة التي تعم الظالم وغيره هي أن الناس
(٤٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 456 457 458 459 460 461 462 463 464 465 466 ... » »»