أخرجه البيهقي في شعب الإيمان وابن مردويه وابن عساكر كما نقله عنهم أيضا الشوكاني وغيره.
واعلم أن التحقيق أن هذا الوعيد الشديد الذي ذكرنا من اندلاق الأمعاء في النار وقرض الشفاه بمقاريض النار ليس على الأمر بالمعروف. وإنما هو على ارتكابه المنكر عالما بذلك ينصح الناس عنه فالحق أن الأمر بالمعروف غير ساقط عن صالح ولا طالح والوعيد على المعصية لا على الأمر بالمعروف لأنه في حد ذاته ليس فيه إلا الخير ولقد أجاد من قال: الكامل:
* لا تنه عن خلق وتأتي مثله * عار عليك إذا فعلت عظيم * وقال الآخر: الطويل:
* وغير تقي يأمر الناس بالتقى * طبيب يداوي الناس وهو مريضا * وقال الآخر: وقال الآخر:
* فإنك إذ ما تأت ما أنت آمر * به تلف من إياه تأمر آتيا * وأما الآية الدالة على أن المعرض عن التذكير كالحمار أيضا فهي قوله تعالى * (فما لهم عن التذكرة معرضين كأنهم حمر مستنفرة فرت من قسورة) * والعبرة بعموم الألفاظ لا بخصوص الأسباب فيجب على المذكر بالكسر والمذكر بالفتح أن يعملا بمقتضى التذكرة وأن يتحفظا عن عدم المبالاة بها لئلا يكونا حمارين من حمر جهنم. * * المسألة الثانية: يشترط في الآمر بالمعروف أن يكون له علم يعلم به أن ما يأمر به معروف وأن ما ينهى عنه منكر لأنه إن كان جاهلا بذلك فقد يأمر بما ليس بمعروف وينهي عما ليس بمنكر ولا سيما في هذا الزمن الذي عم فيه الجهل وصار فيه الحق منكرا والمنكر معروفا والله تعالى يقول * (قل هذه سبيلي ادعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني) * فدل على أن الداعي إلى الله لا بد أن يكون على بصيرة وهي الدليل الواضح الذي لا لبس في الحق معه وينبغي أن تكون دعوته إلى الله بالحكمة وحسن الأسلوب واللطافة مع إيضاح الحق. لقوله تعالى * (ادع