الأول: أن هذا لا يكفي في الدلالة على الخصوص لأن الأصل استواء الناس في الأحكام الشرعية إلا بدليل وقوله نفلنيه ليس بدليل لاحتمال أنه نفل كل من وجد قاطع شجر أو قاتل صيد بالمدينة ثيابه كما نفل سعدا وهذا هو الظاهر.
الثاني: أن سعدا نفسه روي عنه تعميم الحكم وشموله لغيره فقد روى الإمام أحمد وأبو داود عن سليمان بن أبي عبد الله قال: رأيت سعد بن أبي وقاص أخذ رجلا يصيد في حرم المدينة الذي حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلبه ثيابه فجاء مواليه فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم هذا الحرم وقال: من رأيتموه يصيد فيه شيئا فلكم سلبه. فلا أرد عليكم طعمة أطعمنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن إن شئتم أن أعطيكم ثمنه أعطيتكم وفي لفظ من أخذ أحدا يصيد فيه فليسلبه ثيابه وروى هذا الحديث أيضا الحاكم وصححه وهو صريح في العموم وعدم الخصوص بسعد كما ترى وفيه تفسير المراد بقوله نفلنيه وأنه عام لكل من وجد أحدا يفعل فيها ذلك.
وتضعيف بعضهم لهذا الحديث بأن في إسناده سليمان بن أبي عبد الله غير مقبول لأن سليمان بن أبي عبد الله مقبول قال فيه الذهبي: تابعي موثق قال فيه ابن حجر في (التقريب): مقبول.
والمقبول عنده كما بينه في مقدمة تقريبه: هو من ليس له من الحديث إلا القليل ولم يثبت فيه ما يترك حديثه من أجله فهو مقبول حيث يتابع وإلا فلين الحديث وقال فيه ابن أبي حاتم: ليس بمشهور ولكن يعتبر بحديثه اه.
وقد تابع سليمان بن أبي عبد الله في هذا الحديث عامر بن سعد عند مسلم وأحمد ومولى لسعد عند أبي داود وكلهم عن سعد رضي الله عنه فاتضح رد تضعيفه مع ما قدمنا من أن الحاكم صححه وأن الذهبي قال فيه: تابعي موثق.
والمراد بسلب قاطع الشجر أو قاتل الصيد في المدينة أخذ ثيابه. قال بعض العلماء: حتى سراويله.
والظاهر ما ذكره بعض أهل العلم من وجوب ترك ما يستر العورة المغلظة والله تعالى أعلم.
وقال بعض العلماء: السلب هنا سلب القاتل وفي مصرف هذا السلب ثلاثة أقوال: