أضواء البيان - الشنقيطي - ج ١ - الصفحة ٤٥٩
لجانب حرمة الحرم فيهما.
أما إذا كان أصل الشجرة في الحل وأغصانها ممتدة في الحرم فاصطاد طيرا واقعا على الأغصان الممتدة في الحرم فلا إشكال في أنه مصطاد في الحرم لكون الطير في هواء الحرم.
واعلم أن ما ادعاه بعض الحنفية من أن أحاديث تحديد حرم المدينة مضطربة لأنه وقع في بعض الروايات باللابتين وفي بعضها بالحرتين وفي بعضها بالجبلين وفي بعضها بالمأزمين وفي بعضها بعير وثور غير صحيح لظهور الجمع بكل وضوح. لأن اللابتين هما الحرتان المعروفتان وهما حجارة سود على جوانب المدينة والجبلان هما المأزمان وهما عير وثور والمدينة بين الحرتين كما أنها أيضا بين ثور وعير كما يشاهده من نظرها. وثور جبيل صغير يميل إلى الحمرة بتدوير خلف أحد من جهة الشمال.
فمن ادعى من العلماء أنه ليس في المدينة جبل يسمى ثورا فغلط منه. لأنه معروف عند الناس إلى اليوم مع أنه ثبت في الحديث الصحيح.
واعلم أنه على قراءة الكوفيين * (فجزآء مثل) *. بتنوين جزاء ورفع مثل فالأمر واضح وعلى قراءة الجمهور * (فجزآء مثل) * بالإضافة فأظهر الأقوال أن الإضافة بيانية أي جزاء هو مثل ما قتل من النعم فيرجع معناه إلى الأول والعلم عند الله تعالى قوله تعالى. * (يا أيها الذين ءامنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم) *. قد يتوهم الجاهل من ظاهر هذه الآية الكريمة عدم وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولكن نفس الآية فيها الإشارة إلى أن ذلك فيما إذا بلغ جهده فلم يقبل منه المأمور وذلك في قوله * (إذا اهتديتم) * لأن من ترك الأمر بالمعروف لم يهتد وممن قال بهذا حذيفة وسعيد بن المسيب كما نقله عنهما الألوسي في تفسيره وابن جرير ونقله القرطبي عن سعيد بن المسيب وأبي عبيد القاسم بن سلام ونقل نحوه ابن جرير عن جماعة من الصحابة منهم ابن عمر وابن مسعود.
فمن العلماء من قال: * (إذا هتديتم) * أي أمرتم فلم يسمع منكم ومنهم من قال: يدخل الأمر بالمعروف في المراد بالاهتداء في الآية وهو ظاهر جدا ولا ينبغي
(٤٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 454 455 456 457 458 459 460 461 462 463 464 ... » »»