أضواء البيان - الشنقيطي - ج ١ - الصفحة ٣٩٢
واستدل من قال بأنه لا قصاص في قطع العظم من غير المفصل بما رواه ابن ماجة من طريق أبي بكر بن عياش عن دهثم بن قران عن نمران بن جارية عن أبيه جارية بن ظفر الحنفي أن رجلا ضرب رجلا على ساعده بالسيف من غير المفصل فقطعها فاستعدى النبي صلى الله عليه وسلم فأمر له بالدية. فقال: يا رسول الله أريد القصاص فقال: خذ الدية بارك الله لك فيها ولم يقض له بالقصاص.
قال ابن عبد البر: ليس لهذا الحديث غير هذا الإسناد ودهثم بن قران العكلي ضعيف أعرابي ليس حديثه مما يحتج به ونمران بن جارية ضعيف أعرابي أيضا وأبوه جارية بن ظفر مذكور في الصحابة اه. من ابن كثير.
وقال ابن حجر في (التقريب) في دهثم المذكور: متروك وفي نمران المذكور: مجهول واختلاف العلماء في ذلك إنما هو من اختلافهم في تحقيق مناط المسألة فالذين يقولون بالقصاص: يقولون: إنه يمكن من غير حيف والذين يقولون: بعدمه يقولون: لا يمكن إلا بزيادة أو نقص وهم الأكثر.
ومن هنا منع العلماء القصاص فيما يظن به الموت كما بعد الموضحة من منقلة أطارت بعض عظام الرأس أو مأمومة وصلت إلى أم الدماغ أو دامغة خرقت خريطته كالجائفة وهي التي نفذت إلى الجوف ونحو ذلك للخوف من الهلاك.
وأنكر الناس على ابن الزبير القصاص في المأمومة. وقالوا: ما سمعنا بأحد قاله قبله واعلم أن العين الصحيحة لا تؤخذ بالعوراء واليد الصحيحة لا تؤخذ بالشلاء ونحو ذلك كما هو ظاهر.
تنبيه إذا اقتص المجني عليه من الجاني فيما دون النفس فمات من القصاص فلا شيء على الذي اقتص منه عند مالك والشافعي وأحمد بن حنبل وهو قول الجمهور من الصحابة والتابعين وغيرهم.
وقال أبو حنيفة: تجب الدية في مال المقتص وقال الشعبي وعطاء وطاوس وعمرو بن دينار والحرث العكلي وابن أبي ليلى وحماد بن أبي سليمان والزهري والثوري تجب الدية على عاقلة المقتص له.
(٣٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 387 388 389 390 391 392 393 394 395 396 397 ... » »»