أضواء البيان - الشنقيطي - ج ١ - الصفحة ٣٨٥
ولقد بلغت الجهالة بأقوام إلى أن قالوا: يقتل الحر بعبد نفسه. ورووا في ذلك حديثا عن الحسن عن سمرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من قتل عبده قتلناه وهو حديث ضعيف.
ودليلنا قوله تعالى: * (ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل) * والولي ها هنا: السيد فكيف يجعل له سلطان على نفسه وقد اتفق الجميع على أن السيد إذا قتل عبده خطأ أنه لا تؤخذ منه قيمته لبيت المال اه.
وتعقب القرطبي تضعيف ابن العربي لحديث الحسن هذا عن سمرة بأن البخاري وابن المديني صححا سماعه منه وقد علمت تضعيف الأكثر لرواية الحسن عن سمرة فيما تقدم. ويدل على ضعفه مخالفة الحسن نفسه له.
السادس: أن الحديث خارج مخرج التحذير والمبالغة في الزجر.
السابع: ما قيل من أنه منسوخ.
قال الشوكاني: ويؤيد النسخ فتوى الحسن بخلافه.
الثامن: مفهوم قوله تعالى: * (والعبد بالعبد) * ولكنا قد قدمنا عدم اعتبار هذا المفهوم كما يدل عليه سبب النزول.
واحتج القائلون بأن الحر لا يقتل بالعبد وهم الجمهور بأدلة منها ما رواه الدارقطني بإسناده عن إسماعيل بن عياش عن الأوزاعي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رجلا قتل عبده متعمدا فجلده النبي صلى الله عليه وسلم ونفاه سنة ومحا اسمه من المسلمين ولم يقده به وأمره أن يعتق رقبة ورواية إسماعيل بن عياش عن الشاميين: قوية صحيحة.
ومعلوم أن الأوزاعي شامي دمشقي قال في (نيل الأوطار): ولكن دونه في إسناد هذا الحديث محمد بن عبد العزيز الشامي قال فيه ابن أبي حاتم: لم يكن عندهم بالمحمود وعنده غرائب.
وأسند البيهقي هذا الحديث فقال: أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه أنبأ علي بن عمر الحافظ ثنا الحسين بن الحسين الصابوني الأنطاكي قاضي الثغور ثنا محمد بن الحكم الرملي ثنا محمد بن عبد العزيز الرملي ثنا إسماعيل بن عياش عن
(٣٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 380 381 382 383 384 385 386 387 388 389 390 ... » »»