(والجمع واجب متى ما أمكنا * إلا فللأخير نسخ بينا * والقول الثالث المذكور هو: أن التيمم يرفع الحدث رفعا مؤقتا لا كليا وهذا لا مانع منه عقلا ولا شرعا وقد دلت عليه الأدلة لأن صحة الصلاة به المجمع عليها يلزمها أن المصلي غير محدث ولا جنب لزوما شرعيا لا شك فيه.
ووجوب الاغتسال أو الوضوء بعد ذلك عند إمكانه المجمع عليه أيضا يلزمه لزوما شرعيا لا شك فيه وأن الحدث مطلقا لم يرتفع بالكلية فيتعين الارتفاع المؤقت. هذا هو الظاهر ولكنه يشكل عليه ما تقدم في حديث عمرو بن العاص أنه صلى الله عليه وسلم قال له: صليت بأصحابك وأنت جنب وقد تقرر عند علماء العربية أن وقت عامل الحال هو بعينه وقت الحال فالحال وعاملها إذا مقترنان في الزمان فقولك: جاء زيد ضاحكا مثلا لا شك في أن وقت المجيء فيه هو بعينه وقت الضحك وعليه فوقت صلاته هو بعينه وقت كونه جنبا لأن الحال هي كونه جنبا وعاملها قوله صليت فيلزم أن وقت الصلاة والجنابة متحد ولا يقدح فيما ذكرنا أن الحال المقدرة لا تقارن عاملها في الزمان كقوله تعالى: * (سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين) * لأن الخلود متأخر عن زمن الدخول أي مقدرين الخلود فيها لأن الحال في الحديث المذكور ليست من هذا النوع.
فالمقارنة بينها وبين عاملها في الزمن لا شك فيها وإذا كانت الجنابة حاصلة له في نفس وقت الصلاة كما هو مقتضى هذا الحديث فالرفع المؤقت المذكور لا يستقيم ويمكن الجواب عن هذا من وجهين: الأول: أنه صلى الله عليه وسلم قال له: وأنت جنب قبل أن يعلم عذره بخوفه الموت إن اغتسل.
والمتيمم من غير عذر مبيح جنب قطعا وبعد أن علم عذره المبيح للتيمم الذي هو خوف الموت أقره وضحك ولم يأمره بالإعادة فدل على أنه صلى بأصحابه وهو غير جنب وهذا ظاهر الوجه. الثاني: أنه أطلق عليه اسم الجنابة نظرا إلى أنها لم ترتفع بالكلية ولو كان في وقت صلاته غير جنب. كإطلاق اسم الخمر على العصير في وقت هو فيه ليس بخمر في