أضواء البيان - الشنقيطي - ج ١ - الصفحة ٣٧١
يتولى فريق منهم وهم معرضون) *.
يعني يدعون إلى التوراة ليحكم بينهم في حد الزاني المحصن بالرجم وهم معرضون عن ذلك منكرون له ومن ذلك ما أخفوه من صفات الرسول الله صلى الله عليه وسلم في كتابهم وإنكارهم أنهم يعرفون أنه هو الرسول كما بينه تعالى بقوله: * (وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين) *.
ومن ذلك إنكارهم أن الله حرم عليهم بعض الطيبات بسبب ظلمهم ومعاصيهم كما قال تعالى: * (فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم) * وقوله: * (وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهمآ إلا ما حملت ظهورهمآ أو الحوايآ أو ما اختلط بعظم ذلك جزيناهم ببغيهم وإنا لصادقون) *.
فإنهم أنكروا هذا وقالوا لم يحرم علينا إلا ما كان محرما على إسرائيل فكذبهم القرآن في ذلك في قوله تعالى: * (كل الطعام كان حلا لبنى إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين) *.
ومن ذلك كتم النصارى بشارة عيسى ابن مريم لهم بمحمد صلى الله عليه وسلم وقد بينها تعالى بقوله: * (وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدى اسمه أحمد) * إلى غير ذلك من الآيات المبينة لما أخفوه من كتبهم. * () * قوله تعالى: * (واتل عليهم نبأ ابنىءادم بالحق) *.
قال جمهور العلماء: إنهما ابنا آدم لصلبه وهما هابيل وقابيل.
وقال الحسن البصري رحمه الله: هما رجلان من بني إسرائيل ولكن القرآن يشهد لقول الجماعة ويدل على عدم صحة قول الحسن وذلك في قوله تعالى: * (فبعث الله غرابا يبحث في الأرض ليريه كيف يوارى سوأة أخيه) * ولا يخفى على أحد أنه ليس في بني إسرائيل رجل يجعل الدفن حتى يدله عليه الغراب فقصة الاقتداء بالغراب في الدفن ومعرفته منه تدل على أن الواقعة وقعت في أول الأمر قبل أن
(٣٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 366 367 368 369 370 371 372 373 374 375 376 ... » »»