أضواء البيان - الشنقيطي - ج ١ - الصفحة ٣٦٠
قال ابن نافع: من تيمم إلى الكوعين أعاد الصلاة أبدا وقال مالك: في المدونة يعيد في الوقت وروي التيمم إلى المرفقين مرفوعا عن جابر بن عبد الله وابن عمر وأبي أمامة وعائشة وعمار والأسلع وسيأتي ما في أسانيد رواياتهم من المقال إن شاء الله تعالى وبه كان يقول ابن عمر وقال ابن شهاب: يمسح في التيمم إلى الآباط.
واحتج من قال بالتيمم إلى المرفقين بما روي عمن ذكرنا من ذكر المرفقين وبأن ابن عمر كان يفعله وبالقياس على الوضوء وقد قال تعالى فيه: * (وأيديكم إلى المرافق) *.
قال مقيده عفا الله عنه: الذي يظهر من الأدلة والله تعالى أعلم أن الواجب في التيمم هو مسح الكفين فقط لما قدمنا من أن الأحاديث الواردة في صفة التيمم لم يصح منها شيء ثابت الرفع إلا حديث عمار: وحديث أبي جهيم المتقدمين.
أما حديث أبي جهيم فقد ورد بذكر اليدين مجملا كما رأيت وأما حديث عمار فقد ورد بذكر الكفين في الصحيحين كما قدمنا آنفا. وورد في غيرهما بذكر المرفقين وفي رواية إلى نصف الذراع وفي رواية إلى الآباط فأما رواية المرفقين ونصف الذراع ففيهما مقال سيأتي وأما رواية الآباط فقال الشافعي وغيره: إن كان ذاك وقع بأمر النبي صلى الله عليه وسلم فكل تيمم للنبي صلى الله عليه وسلم بعده فهو ناسخ له. وإن كان وقع بغير أمره فالحجة فيما أمر به ومما يقوي رواية الصحيحين في الاقتصار على الوجه والكفين كون عمار كان يفتي بعد النبي صلى الله عليه وسلم بذلك. وراوي الحديث أعرف بالمراد به من غيره. ولا سيما الصحابي المجتهد قاله ابن حجر في (الفتح).
وأما فعل ابن عمر فلم يثبت رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم والموقوف على ابن عمر لا يعارض به مرفوع متفق عليه وهو حديث عمار.
وقد روى أبو داود عن ابن عمر بسند ضعيف أنه قال: مر رجل على النبي صلى الله عليه وسلم في سكة من السكك وقد خرج من غائط أو بول فسلم عليه فلم يرد عليه حتى كاد الرجل يتوارى في السكك فضرب بيده على حائط ومسح بها وجهه ثم ضرب ضربة أخرى فمسح بها ذراعيه ومدار الحديث على محمد بن ثابت وقد ضعفه ابن معين وأحمد والبخاري وأبو حاتم. وقال أحمد والبخاري: ينكر عليه حديث التيمم. أي
(٣٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 355 356 357 358 359 360 361 362 363 364 365 ... » »»