المكتوبات وما يتبعها من النوافل، والذكر، والتسبيح، والتهليل، والتكبير في هذه الأوقات. * (ومن الليل فاسجد له) *، أي: أكثر له من السجود، وذلك متضمن لكثرة الصلاة. * (وسبحه ليلا طويلا) *، وقد تقدم تقييد هذا المطلق بقوله: * (يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلا نصفه أو انقص منه قليلا أو زد عليه) *. وقوله: * (إن هؤلاء) *، أي: المكذبين لك أيها الرسول، بعد ما بينت لهم الآيات، ورغبوا ورهبوا، ومع ذلك، لم يفد فيهم ذلك شيئا بل لا يزالون * (يحبون العاجلة) * ويطمئنون إليها. * (ويذرون) *، أي: يتركون العمل، ويهملون * (وراءهم) * أي: أمامهم * (يوما ثقيلا) * وهو يوم القيامة، الذي مقداره خمسون ألف سنة مما تعدون. وقال تعالى: * (يقول الكافرون هذا يوم عسر) *. فكأنهم ما خلقوا إلا للدنيا، والإقامة فيها. ثم استدل عليهم وعلى بعثهم بدليل عقلي، وهو دليل الابتداء، فقال: * (نحن خلقناهم) *، أي: أوجدناهم من العدم * (وشددنا أسرهم) *، أي: أحكمنا خلقتهم بالأعصاب، والعروق، والأوتار، والقوى الظاهرة والباطنة، حتى تم الجسم واستكمل، وتمكن من كل ما يريده. فالذي أوجدهم على هذه الحالة، قادر على أن يعيدهم بعد موتهم، لجزائهم، والذي نقلهم في هذه الدار إلى هذه الأطوار، لا يليق به أن يتركهم سدى، لا يؤمرون، ولا ينهون، ولا يثابون، ولا يعاقبون، ولهذا قال: * (وإذا شئنا بدلنا أمثالهم تبديلا) *، أي: أنشأناهم للبعث نشأة أخرى، وأعدناهم بأعيانهم، وهم بأنفسهم أمثالهم. * (إن هذه تذكرة) *، أي: يتذكر بها المؤمن، فينتفع بما فيها، من التخويف والترغيب. * (فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا) *، أي: طريقا موصلا إليه. فالله، يبين الحق والهدى، ثم يخير الناس بين الاهتداء بها، والنفور عنها، إقامة للحجة * (ليهلك من هلك عن بينة، ويحيا من حي عن بينة) *. * (وما تشاءون إلا أن يشاء الله) * فإن مشيئة الله نافذة. * (إن الله كان عليما حكيما) * فله الحكمة في هداية المهتدي، وإضلال الضال. * (يدخل من يشاء في رحمته) * فيختصه بعنايته، ويوفقه لأسباب السعادة ويهديه لطرقها. * (والظالمين) * الذين اختاروا الشقاء على الهدى * (أعد لهم عذابا أليما) * بظلمهم وعدوانهم. تم تفسير سورة الإنسان ولله الحمد. سورة المرسلات * (والمرسلات عرفا فالعاصفات عصفا والناشرات نشرا فالفارقات فرقا فالملقيات ذكرا عذرا أو نذرا إنما توعدون لواقع فإذا النجوم طمست وإذا السماء فرجت وإذا الجبال نسفت وإذا الرسل أقتت لأي يوم أجلت ليوم الفصل وما أدراك ما يوم الفصل ويل يومئذ للمكذبين) * أقسم تعالى على البعث والجزاء على الأعمال، بالمرسلات عرفا، وهي: الملائكة التي يرسلها الله بشئونه القدرية، وتدبير العالم وبشئونه الشرعية، ووحيه إلى رسله. و * (عرفا) * حال من المرسلات، أي: أرسلت بالعرف، والحكمة، والمصلحة، لا بالنكر والعبث. * (فالعاصفات عصفا) * وهي أيضا الملائكة التي يرسلها الله تعالى، وصفها بالمبادرة لأمره، وسرعة تنفيذ أوامره، كالريح العاصف. أو: أن العاصفات، الرياح الشديدة، التي يسرع هبوبها. * (والناشرات نشرا) * يحتمل أن المراد بها الملائكة، تنشر ما دبرت على نشره، أو أنها: السحاب التي ينشر بها الله الأرض، فيحييها بعد موتها. * (فالملقيات ذكرا) * هي الملائكة، تلقي أشرف الأوامر، وهي الذكر الذي
(٩٠٣)