وبذلك تفلح وتنجح وتفوز كل الفوز. ثم رغب تعالى في النفقة، فقال: * (إن تقرضوا الله قرضا حسنا) * وهو: كل نفقة كانت في الحلال، وإذا قصد بها العبد وجه الله تعالى، ووضعها في موضعها * (يضاعفه لكم) *، النفقة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، إلى أضعاف كثيرة. * (و) * مع المضاعفة أيضا * (يغفر لكم) * بسبب الإنفاق والصدقة، ذنوبكم، فإن الذنوب تكفرها الصدقات والحسنات: * (إن الحسنات يذهبن السيئات) *. * (والله شكور حليم) * لا يعاجل من عصاه، بل يمهله ولا يهمله. * (ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى) *. * (والله) * تعالى * (شكور) * يقبل من عباده اليسير من العمل، ويجازيهم عليه الكثير من الأجر. ويشكر تعالى لمن تحمل من أجله المشاق والأثقال، وأنواع التكاليف الثقال، ومن ترك شيئا، عوضه الله خيرا منه. * (عالم الغيب والشهادة) *، أي: ما غاب عن العباد من الجنود التي لا يعلمها إلا هو، وما يشاهدونه من المخلوقات. * (العزيز) * الذي لا يغالب، ولا يمانع، الذي قهر جميع الأشياء. * (الحكيم) * في خلقه وأمره، الذي يضع الأشياء مواضعها. سورة الطلاق * (يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه لا تدرى لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا * فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف وأشهدوا ذوي عدل منكم وأقيموا الشهادة لله ذلكم يوعظ به من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ومن يتق الله يجعل له مخرجا * ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا) * يقول تعالى مخاطبا لنبيه صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين: * (يا أيها النبي إذا طلقتم النساء) *، أي: أردتم طلاقهن * (ف) * التمسوا لطلاقهن الأمر المشروع، ولا تبادروا بالطلاق، من حين يوجد سببه، من غير مراعاة لأمر الله. بل * (طلقوهن لعدتهن) *، أي: لأجل عدتهن، بأن يطلقها زوجها، وهي طاهر، في طهر لم يجامعها فيه، فهذا الطلاق هو الذي تكون العدة فيه واضحة بينة. بخلاف ما لو طلقها وهي حائض، فإنها لا تحتسب تلك الحيضة، التي وقع فيها الطلاق، وتطول عليه االعدة بسبب ذلك. وكذلك لو طلقها في طهر وطئ فيه، فإنه لا يؤمن حملها، فلا يتبين، ولا يتضح بأي عدة تعتد. * (وأحصوا العدة) * وإحصاء العدة، ضبطها إن كانت تحيض، أو بالأشهر، إن لم تكن تحيض، وليست حاملا. فإن في إحصائها، أداء لحق الله، وحق الزوج المطلق، وحق من سيتزوجها بعد، وحقها في النفقة ونحوها. فإذا ضبطت عدتها، علمت حالها على بصيرة، وعلم ما يترتب عليها، من الحقوق، وما لها منها. وهذا الأمر بإحصاء العدة، يتوجه للزوج، وللمرأة، إن كانت مكلفة، وإلا فلوليها. وقوله: * (واتقوا الله ربكم) *، أي: في جميع أموركم، وخافوه في حق الزوجات المطلقات. * (لا تخرجوهن من بيوتهن) * مدة العدة، بل تلزم بيتها الذي طلقها زوجها وهي فيه. * (ولا يخرجن) *، أي: لا يجوز لهن الخروج منها. أما النهي عن خروجها، فلأن المسكن، يجب على الزوج للزوجة، لتكمل فيه عدتها التي هي حق من حقوقه. وأما النهي عن خروجها، فلما في خروجها، من إضاعة حق الزوج، وعدم صونه. ويستمر هذا النهي عن الخروج من البيوت، والإخراج إلى تمام العدة. * (إلا أن يأتين بفاحشة مبينة) *، أي: بأمر قبيح واضح، موجب لإخراجها، بحيث يدخل على أهل البيت الضرر، من عدم إخراجها، كالأذى بالأقوال، والأفعال الفاحشة، ففي هذه الحال يجوز لهم إخراجها، لأنها هي التي تسببت لإخراج نفسها، والإسكان فيه جبر لخاطرها، ورفق بها، فهي التي أدخلت الضرر عليها، وهذا في المعتدة الرجعية. وأما البائن، فليس لها سكنى واجبة، لأن السكن تبع
(٨٦٩)