* (من كان يظن أن لن ينصره الله في الدنيا والآخرة فليمدد بسبب إلى السماء ثم ليقطع فلينظر هل يذهبن كيده ما يغيظ) * أي: من كان يظن، أن الله لا ينصر رسوله، وأن دينه سيضمحل، فإن النصر، من الله ينزل من السماء * (فليمدد بسبب إلى السماء ثم ليقطع) * النصر عن الرسول. * (فلينظر هل يذهبن كيده) * أي: ما يكيد به الرسول، ويعمله من محاربته، والحرص على إبطال دينه، ما يغيظه من ظهور دينه، وهذا استفهام بمعنى النفي، أي: إنه لا يقدر على شفاء غيظه، بما يعمله من الأسباب. ومعنى هذه الآية الكريمة: يا أيها المعادي للرسول محمد صلى الله عليه وسلم، الساعي في إطفاء دينه، الذي يظن بجهله، أن سعيه سيفيده شيئا، اعلم أنك، مهما فعلت من الأسباب، وسعيت في كيد الرسول، فإن ذلك لا يذهب غيظك، ولا يشفي كمدك، فليس لك قدرة في ذلك، ولكن سنشير عليك برأي، تتمكن به من شفاء غيظك، ومن قطع النصر عن الرسول، إن كان ممكنا. ائت الأمر من بابه، وارتق إليه بأسبابه، اعمد إلى حبل من ليف أو غيره، ثم علقه في السماء، ثم اصعد به، حتى تصل إلى الأبواب التي ينزل منها النصر، فسدها، وأغلقها، واقطعها، فبهذه الحال تشفي غيظك. فهذا هو الرأي والمكيدة، وما سوى هذه الحال فلا يخطر ببالك أنك تشفي بها غيظك ولو ساعدك من ساعدك من الخلق. وهذه الآية الكريمة، فيها من الوعد والبشارة بنصر الله لدينه، ولرسوله، وعباده المؤمنين، ما لا يخفى، ومن تأييس الكافرين، الذين يريدون أن يطفؤوا نور الله بأفواههم، والله متم نوره، ولو كره الكافرون، أي: وسعوا مهما أمكنهم. * (وكذلك أنزلناه آيات بينات وأن الله يهدي من يريد) * أي: وكذلك لما فصلنا في هذا القرآن ما فصلنا، جعلناه آيات بينات، واضحات، دالات على جميع المطالب والمسائل النافعة، ولكن الهداية بيد الله، فمن أراد الله هدايته، اهتدى بهذا القرآن، وجعله إماما له وقدوة، واستضاء بنوره، ومن لم يرد الله هدايته، فلو جاءته كل آية، ما آمن، ولم ينفعه القرآن شيئا، بل يكون حجة عليه. * (إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا إن الله يفصل بينهم يوم القيامة إن الله على كل شيء شهيد * ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدوآب وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب ومن يهن الله فما له من مكرم إن الله يفعل ما يشاء * ه ذان خصمان اختصموا في ربهم
(٥٣٥)