لشركآئهم فلا يصل إلى الله وما كان لله فهو يصل إلى شركآئهم ساء ما يحكمون * وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركآؤهم ليردوهم وليلبسوا عليهم دينهم ولو شاء الله ما فعلوه فذرهم وما يفترون * وقالوا ه ذه أنعام وحرث حجر لا يطعمهآ إلا من نشآء بزعمهم وأنعام حرمت ظهورها وأنعام لا يذكرون اسم الله عليها افترآء عليه سيجزيهم بما كانوا يفترون * وقالوا ما في بطون ه ذه الأنعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا وإن يكن ميتة فهم فيه شركآء سيجزيهم وصفهم إنه حكيم عليم * قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم وحرموا ما رزقهم الله افترآء على الله قد ضلوا وما كانوا مهتدين) * يخبر تعالى، عما عليه المشركون المكذبون للنبي صلى الله عليه وسلم، من سفاهة العقل، وخفة الأحلام، والجهل البليغ. وعدد تبارك وتعالى شيئا من خرافاتهم، لينبه بذلك، على ضلالهم، والحذر منهم، وأن معارضة أمثال هؤلاء السفهاء للحق، الذي جاء به الرسول، لا تقدح فيه أصلا، فإنهم لا أهلية لهم في مقابلة الحق. فذكر من ذلك أنهم * (جعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا) * ولشركائهم من ذلك نصيبا. والحال أن الله تعالى، هو الذي ذرأه للعباد، وأوجده رزقا، فجمعوا بين محذورين محظورين بل ثلاثة محاذير. منتهم على الله، في جعلهم له نصيبا، مع اعتقادهم أن ذلك منهم، تبرع. وإشراك الشركاء، الذين لم يرزقوهم، ولم يوجدوا لهم شيئا في ذلك. وحكمهم الجائر، في أن ما كان لله، لم يبالوا به، ولم يهتموا، ولو كان واصلا إلى الشركاء. وما كان لشركائهم اعتنوا به، واحتفظوا به، ولم يصل إلى الله منه شيء. وذلك أنهم إذا حصل لهم من زروعهم وثمارهم وأنعامهم، التي أوجدها الله لهم شيء، جعلوه قسمين: قسما قالوا: هذا لله بقولهم وزعمهم، وإلا فالله لا يقبل إلا ما كان خالصا لوجهه، ولا يقبل عمل من أشرك به. وقسما، جعلوه حصة شركائهم من الأوثان والأنداد. فإن وصل شيء مما جعلوه لله، واختلط بما جعلوه لغيره، لم يبالوا بذلك. وقالوا: الله غني عنه، فلا يردونه. وإن وصل شيء مما جعلوه لآلهتهم إلى ما جعلوه لله، ردوه إلى محله. وقالوا: إنها فقيرة، لا بد من رد نصيبها. فهل أسوأ من هذا الحكم. وأظلم؟ حيث جعلوا ما للمخلوق، يجتهد فيه وينصح، ويحفظ، أكثر مما يفعل بحق الله. ويحتمل أن تأويل الآية الكريمة، ما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال عن الله تعالى أنه قال: (أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من أشرك معي شيئا تركته وشركه). وأن معنى الآية أن ما جعلوه، وتقربوا به لأوثانهم، فهو تقرب خالص لغير الله، ليس لله منه شيء. وما جعلوه لله على زعمهم فإنه لا يصل إليه لكونه شركا، بل يكون حظ الشركاء والأنداد، لأن الله غني عنه، لا يقبل العمل الذي أشرك به معه أحد من الخلق. ومن سفه المشركين وضلالهم، أنه زين لكثير من المشركين شركاؤهم أي: رؤوساؤهم وشياطينهم قتل أولادهم، وهو: الوأد، الذين يدفنون أولادهم وهم أحياء خشية الافتقار، والإناث خشية العار. وكل هذا من خدع الشياطين، الذين يريدون أن يردوهم بالهلاك، ويلبسوا عليهم دينهم، فيفعلون الأفعال التي في غاية القبح. ولا يزال شركاؤهم يزينونها لهم، حتى تكون عندهم من الأمور الحسنة والخصال المستحسنة.. ولو شاء الله أن يمنعهم، ويحول بينهم وبين هذه الأفعال، ويمنع أولادهم عن قتل الأبوين لهم، ما فعلوه. ولكن اقتضت حكمته، للتخلية بينهم وبين أفعالهم، استدراجا منه لهم، وإمهالا لهم، وعدم مبالاة بما هم عليه، ولهذا قال: * (فذرهم وما يفترون) * أي: دعهم مع كذبهم وافترائهم، ولا تحزن عليهم، فإنهم لن يضروا الله شيئا. ومن أنواع سفاهتهم أن الأنعام التي أحلها الله لهم عموما، وجعلها رزقا ورحمة، يتمتعون بها، وينتفعون، قد اخترعوا فيها بدعا وأقوالا، من تلقاء أنفسهم. فعندهم اصطلاح في بعض الأنعام والحرث أنهم يقولون فيها: * (هذه أنعام وحرث حجر) * أي: محرم * (لا يطعمها إلا من نشاء) * أي: لا يجوز أن يطعمه أحد، إلا من أردنا أن نطعمه، أو وصفناه بوصف من عندنا. وكل هذا بزعمهم لا مستند لهم ولا حجة، إلا أهويتهم، وآراءهم الفاسدة. وأنعام ليست محرمة من كل وجه، بل يحرمون ظهورها، أي: بالركوب والحمل عليها، ويحمون ظهرها، ويسمونها الحام. وأنعام لا يذكرون اسم الله عليها، بل يذكرون اسم أصنامهم، وما كانوا يعبدون من دون الله عليها، وينسبون تلك الأفعال إلى الله، وهم كذبة فجار في ذلك. * (سبجزيهم بما كانوا يفترون) * على الله، من إحلال الشرك، وتحريم الحلال، من الأكل، والمنافع. ومن آرائهم السخيفة أنهم يجعلون
(٢٧٥)