من ذلك، فهو مأمور به، كما قال تعالى: * (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) *. * (وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم) * أي: وإذا وافق سؤالكم محله، فسألتم عنها، حين ينزل عليكم القرآن، فتسألون عن آية أشكلت، أو حكم خفي وجهه عليكم، في وقت يمكن فيه نزول الوحي من السماء، تبد لكم، أي: تبين لكم وتظهر، وإلا، فاسكتوا عما سكت الله عنه. * (عفا الله عنها) * أي: سكت معافيا لعباده منها. فكل ما سكت الله عنه، فهو مما أباحه، وعفا عنه. * (والله غفور حليم) * أي: لم يزل بالمغفرة موصوفا، وبالحلم والإحسان معروفا. فتعرضوا لمغفرته وإحسانه واطلبوه، من رحمته ورضوانه. وهذه المسائل التي نهيتم عنها * (قد سألها قوم من قبلكم) * أي: جنسها وشبهها، سؤال تعنت لا استرشاد. فلما بينت لهم وجاءتهم * (أصبحوا بها كافرين) * كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به، فأتوا منه ما استطعتم، فإنما أهلك من كان قبلكم، كثرة مسائلهم، واختلافهم على أنبيائهم). * (ما جعل الله من بحيرة ولا سآئبة ولا وصيلة ولا حام ول كن الذين كفروا يفترون على الله الكذب وأكثرهم لا يعقلون * وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنآ أولو كان آباؤهم لا يعلمون شيئا ولا يهتدون) * هذا ذم للمشركين، الذين شرعوا في الدين، ما لم يأذن به الله، وحرموا ما أحله الله. فجعلوا بآرائهم الفاسدة، شيئا من مواشيهم محرما، على حسب اصطلاحاتهم، التي عارضت ما أنزل الله، فقال: * (ما جعل الله من بحيرة) * وهي: ناقة، يشقون أذنها، ثم يحرمون ركوبها، ويرونها محترمة. * (ولا سائبة) * وهي: ناقة، أو بقرة، أو شاة، إذا بلغت سنا اصطلحوا عليه، سيبوها، فلا تركب، ولا يحمل عليها، ولا تؤكل، وبعضهم ينذر شيئا من ماله، يجعله سائبة. * (ولا حام) * أي: جمل يحمى ظهره عن الركوب والحمل، إذا وصل إلى حالة معروفة بينهم. فكل هذه، مما جعلها المشركون محرمة، بغير دليل ولا برهان. وإنما ذلك، افتراء على الله، وصادرة من جهلهم، وعدم عقلهم، ولهذا قال: * (ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب وأكثرهم لا يعقلون) *. فلا نقل فيها ولا عقل، ومع هذا، فقد أعجبوا بآرائهم، التي بنيت على الجهالة والظلم. فإذا دعوا * (إلى ما أنزل الله وإلى الرسول) * أعرضوا، فلم يقبلوا، * (قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا) * من الدين، ولو كان غير سديد، ولا دينا ينجي من عذاب الله. ولو كان في آبائهم كفاية ومعرفة ودراية، لهان الأمر. ولكن آباءهم لا يعقلون شيئا، أي: ليس عندهم من المعقول شيء، ولا من العلم والهدى شيء. فتبا لمن قلد من لا علم عنده صحيح، ولا عقل رجيح، وترك اتباع ما أنزل الله، واتباع رسله، الذي يملأ القلوب علما وإيمانا وهدى وإيقانا. * (يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم تعملون) * يقول تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم) * أي: اجتهدوا في إصلاحها، وكمالها، وإلزامها سلوك الصراط المستقيم. فإنكم إذا صلحتم لا يضركم من ضل عن الصراط المستقيم، ولم يهتد إلى الدين القويم، وإنما يضر نفسه. ولا يدل هذا، أن الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، لا يضر العبد تركهما وإهمالهما. فإنه لا يتم هداه، إلا بالإتيان بما يجب عليه، من الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر. نعم، إذا كان عاجزا عن إنكار المنكر، بيده، ولسانه، وأنكره بقلبه، فإنه لا يضره ضلال غيره. وقوله: * (إلى الله مرجعكم جميعا) * أي: مآلكم يوم القيامة، واجتماعكم بين يدي الله تعالى. * (فينبئكم بما كنتم تعملون) * من خير وشر. * (يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم إن أنتم ضربتم في الأرض فأصابتكم مصيبة الموت تحبسونهما من بعد الصلاة فيقسمان بالله إن ارتبتم لا نشتري به ثمنا ولو كان ذا قربى ولا نكتم شهادة الله إنا إذا لمن الآثمين فإن عثر على أنهما استحقا إثما فآخران يقومان مقامهما من الذين استحق عليهم الأوليان فيقسمان بالله لشهادتنا أحق من شهادتهما وما اعتدينا إنا إذا لمن الظالمين ذلك أدنى أن يأتوا بالشهادة على وجهها أو يخافوا أن ترد أيمان بعد أيمانهم واتقوا الله واسمعوا والله لا يهدي القوم الفاسقين) * يخبر تعالى خبرا متضمنا للأمر، بإشهاد اثنين على الوصية، إذا حضر الإنسان مقدمات الموت وعلائمه. فينبغي له، أن
(٢٤٦)