تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٨ - الصفحة ٩٠
عن بعد، وأما ما قيل: من أن الجملة مستأنفة لبيان أن ذلك خير لهم، و * (يغفر) * مرفوع سكن آخره كما سكن آخر * (أشرب) * في قوله: فاليوم (أشرب) غير مستحقب * إثما من الله ولا واغل فليس بشيء لما صرحوا به من أن ذلك ضرورة.
* (يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جن‍ات تجرى من تحتها الانه‍ار ومس‍اكن طيبة فى جن‍ات عدن ذلك الفوز العظيم) *.
* (ويدخلكم حن‍ات تجري من تحتها الأنه‍ار ومس‍اكن طيبة) * أي طاهرة زكية مستلذة، وهذا إشارة إلى حسنها بذاتها، وقوله تعالى: * (في جن‍ات عدن) * إشارة إلى حسنها باعتبار محلها * (ذالك) * أي ما ذكر من المغفرة وما عطف عليها * (الفوز العظيم) * الذي لا فوز وراءه.
* (وأخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب وبشر المؤمنين) *.
* (وأخرى) * أي ولكم إلى ما ذكر من النعم نعمة أخرى، فأخرى مبتدأ، وهي في الحقيقة صفة للمبتدأ المحذوف أقيمت مقامه بعد حذفه، والخبر محذوف قاله الفراء، وقوله تعالى: * (تحبونها) * في موضع الصفة، وقوله سبحانه: * (نصر من الله وفتح قريب) * أي عاجل بدل أو عطف بيان، وجملة المبتدأ وخبره قيل: حالية؛ وفي " الكشف " وإنها عطف على جواب الأمر أعني يغفر من حيث المعنى كما تقول: جاهدوا تؤجروا ولكم الغنيمة وفي * (تحبونها) * تعبير لهم وكذلك في إيثار الاسمية على الفعلية وعطفها عليهاكأن هذه عندهم أثبت وأمكن ونفوسهم إلى نيلها والفوز أسكن.
وقيل: * (أخرى) * مبتدأ خبره * (نصر) * وقال قوم: هي في موضع نصب باضمار فعل أي ويعطكم أخرى، وجعل ذلك من باب. علفتها تبنا وماءا باردا ومنهم من قدر تحبون أخرى على أنه من باب الاشتغال، و * (نصر) * على التقديرين خبر مبتدأ محذوف أي ذلك أو هو * (نصر) *، أو مبتدأ خبره محذوف أي نصر وفتح قريب عنده، وقال الأخفش: هي في موضع جر بالعطف على * (تجارة) * وهو كما ترى.
وقرأ ابن أبي عبلة نصرا وفتحا قريبا بالنصب بأعني مقدرا، أو على المصدر أي تنصرون نصرا ويفتح لكم فتحا، أو على البدلية من * (أخرى) * على تقدير نصبها * (وبشر المؤمنين) * عطف على قل مقدرا قبل قوله تعالى: * (ياأيها الذين آمنوا) *، وقيل: على أبشر مقدرا أيضا، والتقدير فأبشر يا محمد وبشر.
وقال الزمخشري: هو عطف على * (تؤمنون) * لأنه في معنى الأمر كأنه قيل: آمنوا وجاهدوا يثبكم الله تعالى وينصركم وبشر يا رسول الله المؤمنين بذلك، وتعقبه في الإيضاح بأن فيه نظرا لأن المخاطبين في * (تؤمنون) * هم المؤمنون، وفي * (بشر) * هو النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قوله تعالى: * (تؤمنون) * بيان لما قبله على طريق الاستئناف فكيف يصح عطف * (بشر المؤمنون) * عليه؟ وأجيب بما خلاصته أن قوله سبحانه: * (يا أيها الذين آمنوا) * للنبي صلى الله عليه وسلم وأمته كما تقرر في أصول الفقه، وإذا فسر بآمنوا وبشر دل على تجارته عليه الصلاة والسلام الرابحة وتجارتهم الصالحة، وقدم * (آمنوا) * لأنه فاتحة الكل ثم لو سلم فلا مانع من العطف على جواب السائل بما لا يكون جوابا إذا ناسبه فيكون جوابا للسؤال وزيادة كيف وهو داخل فيه؟ كأنهم قالوا: دلنا يا ربنا فقيل: آمنوا يكن لكم كذا وبشرهم يا محمد بثبوته لهم، وفيه من إقامة الظاهر مقام المضمر وتنويع الخطاب ما لا يخفى نبل موقعه، واختاره " صاحب الكشف " فقال: إن هذا الوجه من وجه العطف على قل ووجه العطف على فابشر لخلوهما عن الفوائد المذكورة يعني ما تضمنه الجواب.
* (ياأيها الذين ءامنوا كونوا أنص‍ار الله كما قال عيسى ابن مريم للحواريين من أنص‍ارىإلى الله قال الحواريون نحن أنص‍ار الله فاامنت طآئفة من بنىإسراءيل وكفرت طآئفة فأيدنا الذين ءامنوا على عدوهم فأصبحوا ظ‍اهرين) *.
* (يا أيها الذين ءامنوا كونوا أنصار الله) *
(٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 ... » »»