إلا كتواريخ وتراجم فيها شرح بعض أحوال عيسى عليه السلام ولادة ورفعا ونحو ذلك، وبعض كلمات له عليه السلام على نحو بعض الكتب المؤلفة في بعض الأكابر والصالحين فلا يضر إهمالها بعض الأحوال، والكلمات التي نطق القرآن العظيم بها ككلامه عليه السلام في المهد وبشارته بنبينا صلى الله عليه وسلم على أن في إنجيل يوحنا ما هو بشارة بذلك عند من أنصف وسلك الصراط السوى وما تعسفا، ففي الفصل الحامس عشر منه قال يسوع المسيح: إن الفار قليط روح الحق الذي يرسله أبي يعلمكم كل شيء، وقال يوحنا أيضا: قال المسيح: من يحبني يحفظ كلمتي وأبي بحيه وإليه يأتي وعنده يتخذ المنزلة كلمتكم بهذا لأني لست عندكم بمقيم، والفار قليط روح القدس الذي يرسله أبي هو يعلمكم كل شيء وهو يذكركم كل ما قلت لكم أستودعكم سلامي لا تقلق قلوبكم ولا تجزع فإني منطلق وعائد إليكم لو كنتم تحبوني كنتم تفرحون بمضيي إلى الأب، وقال أيضا: إن خيرا لكم أن أنطلق لأبي إن لم أذهب لم يأتكم الفار قليط فإذا انطلقت أرسلته إليكم فإذا جاء فهو يوبخ العالم على الخطيئة وإن لي كلاما كثيرا أريد قوله ولكنكم لا تستطيعون حمله لكن إذا جاء روح الحق ذاك الذي يرشدكم إلى جميع الحق لأنه ليس ينطق من عنده بل يتكلم بما يسمع ويخبركم بكل ما يأتي ويعرفكم جميع ما للأب، وقال أيضا: إن كنتم تحبوني فاحفظوا وصاياي وأنا أطلب من الأب أن يعطيكم فار قليطا آخر يثبت معكم إلى الأبد روح الحق الذي لم يطق العالم أن يقبلوه لأنهم لم يعرفوه ولست أدعكم أيتاما لأني سآتيكم من قريب، والفار قليط لفظ يؤذن بالحمد، وتعين إرادته صلى الله عليه وسلم من كلامه عليه السلام مما لا غبار عليه لمن كشف الله تعالى غشاوة التعصب عن عينيه، وقد فسره بعض النصارى بالحماد، وبعضهم بالحامد فيكون في مدلوله إشارة إلى اسمه عليه الصلاة والسلام أحمد، وفسره بعضهم بالمخلص لقوله عيسى عليه السلام: فالله يرسل مخلصا آخر فلا يكون ما ذكر بشارة به صلى الله عليه وسلم بعنوان الحمد لكنه بشارة به صلى الله عليه وسلم بعنوان التخليص، فيستدل به على ثبوت رسالته صلى الله عليه وسلم، وإن لم يستدل به على ما في الآية هنا، وزعم بعضهم أن الفار قليط إشارة إلى ألسن نارية نزلت من السماء على التلاميذ ففعلوا الآيات والعجائب، ولا يخفى أن وصفه بآخر يأبى ذلك إذ لم يتقدم لهم غيره * (فلما جاءهم) * أي عيسى عليه السلام * (بالبينات) * أي بالمعجزات الظاهرة.
* (قالوا هذا سحر مبين) * مشيرين إلى ما جاء به عليه السلام، فالتذكير بهذا الاعتبار، وقيل: مشيرين إليه عليه السلام وتسميته سحرا للمبالغة، ويؤيده قراءة عبد الله. وطلحة. والأعمش. وابن وثاب - هذا ساحر - وكون فاعل * (جاءهم) * ضمير عيسى عليه السلام هو الظاهر لأنه المحدث عنه، وقيل: هو ضمير * (أحمد) * عليه الصلاة والسلام لما فرغ من كلام عيسى تطرق إلى الإخبار عن أحمد صلى الله عليه وسلم أي فلما جاء أحمد هؤلاء الكفار بالبينات * (قالوا) * الخ.
* (ومن أظلم ممن افترى على الله الكذب وهو يدعى إلى الإسلام والله لا يهدى القوم الظالمين) *.
* (ومن أظلم ممن افترى على الله الكذب وهو يدعى إلى الاسلام) * أي أي الناس أشد ظلما ممن يدعي إلى الإسلام الذي يوصله إلى سعادة الدارين فيضع موضع الإجابة الافتراء على الله عز وجل بتكذيب رسوله وتسمية آياته سحرا فإن الافتراء على الله تعالى يعم نفي الثابت وإثبات المنفى أي لا أظلم من ذلك، والمراد أنه أظلم من كل ظالم، وقرأ طلحة * (يدعي) * مضارع - ادعى - مبنيا للفاعل وهو ضميره تعالى، و * (يدعي) * بمعنى