تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٨ - الصفحة ٩٢
* (فئامنت طائفة من بني إسراءيل) * أي بعيسى عليه السلام * (وكفرت طائفة) * أخرى.
* (فأيدنا الذين ءامنوا على عدوهم) * وهم الذين كفروا فأصبحوا ظ‍اهرين) * فصاروا غالبين؛ قال زيد بن علي. وقتادة: بالحجة والبرهان، وقيل: إن عيسى عليه السلام حين رفع إلى السماء قالت طائفة من قومه: إنه الله سبحانه، وقالت أخرى: إنه ابن الله - تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا - رفعه الله عز وجل إليه، وقالت طائفة: إنه عبد الله ورسوله فاقتتلوا فظهرت الفرقتان الكافرتان على الفرقة المؤمنة حتى بعث النبي صلى الله عليه وسلم فظهرت المؤمنة على الكافرتين، وروى ذلك عن ابن عباس، وقيل: اقتتل المؤمنون والكفرة بعد رفعه عليه السلام فظهر المؤمنون على الكفرة بالسيف، والمشهور أن القتال ليس من شريعته عليه السلام، وقيل: المراد * (فآمنت طائفة من بني إسرائيل) * بمحمد عليه الصلاة والسلام وكفرت أخرى صلى الله عليه وسلم فأيدنا المؤمنين على الكفرة فصاروا غالبين. وهو خلاف الظاهر. والله تعالى أعلم.
سورة الجمعة مدنية كما روى عن ابن عباس. وابن الزبير. والحسن. ومجاهد. وعكرمة. وقتادة. وإليه ذهب الجمهور، وقال ابن يسار: هي مكية، وحكى ذلك عن ابن عباس. ومجاهد. والأول هو الصحيح لما في " صحيح البخاري ". وغيهر عن أبي هريرة قال: كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم حين أنزلت سورة الجمعة الحديث، وسيأتي قريبا إن شاء الله تعالى، وإسلامه رضي الله تعالى عنه بعد الهجرة بمدة بالاتفاق، ولأن أمر الانفضاض الذي تضمنه آخر السورة وكذا أمر اليهود المشار إليه بقوله سبحانه: * (قل يا أيها الذين هادوا إن زعمتم) * (الجمعة: 6) الخ - لم يكن إلا بالمدينة - وآيها إحدى عشرة آية بلا خلاف، ووجه اتصالها بما قبلها أنه تعالى لما ذكر فيما قبل حال موسى عليه السلام مع قومه وأذاهم له ناعيا عليهم ذلك ذكر في هذه السورة حال الرسول صلى الله عليه وسلم وفضل أمته تشريفا لهم لينظر فضل أمته تشريفا لهم لينظر فضل ما بين الأمتين، ولذا تعرض فيها لذكر اليهود، وأيضا لما حكى هناك قول عيسى عليه السلام * (ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد) * (الصف: 61) قال سبحانه هنا: * (هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم) * (الجمعة: 2) إشارة إلى أنه الذي بشر به عيسى، وأيضا لما ختم تلك السورة بالأمر بالجهاد وسماه * (تجارة) * ختم هذه بالأمر بالجمعة وأخبر أن ذلك خير من التجارة الدنيوية. وأيضا في كلتا السورتين إشارة إلى اصطفاف في عبادة، أما في الأولى فظاهر، وأما في هذه فلأن فيها الأمر بالجمعة، وهي يشترط فيها الجمعة التي تستلزم الاصطفاف إلى غير ذلك، وقد كان صلى الله عليه وسلم - كما أخرج مسلم - وأبو داود. والنسائي. وابن ماجه عن ابن عباس - يقرأ في الجمعة بسورتها - * (وإذا جاءك المنافقون) * (المنافقون: 1).
وأخرج ابن حبان. والبيهقي في " سننه " عن جابر بن سمرة أنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في صلاة المغرب ليلة الجمعة * (قل يا أيها الكافرون) * (الكافرون: 1) و * (قل هو الله أحد) * (الصمد: 1) وكان يقرأ في صلاة العشاء الأخيرة ليلة الجمعة سورة الجمعة. والمنافقون - وفي ذلك دلالة على مزيد شرف هذه السورة.
* (يسبح لله ما فى السم‍اوات وما فى الارض الملك القدوس العزيز الحكيم) *.
بسم الله الرحم‍ان الرحيم * (يسبح لله ما في السموات وما في الأرض) * تسبيحا متجددا على سبيل الاستمرار
(٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 ... » »»