تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٨ - الصفحة ٧٠
ففي زيد أسوة من باب التجريد نحو. وللضعفاء في الرحمن كاف وفي البيضة عشرون منا حديد وكل من ذلك قيل: محتمل في الآية، ورجح إرادة الخصلة لأن الاستثناء الآتي عليها أظهر، و * (لكم) * للبيان متعلق بمحذوف كما في سقيا لك، أو هو متعلق بكان على رأي من يجوز تعلق الظرف بها، * (وأسوة) * اسمها و * (حسنة) * صفته، و * (في إبراهيم) * خبرها، أو * (لكم) * هو الخبر، و * (في إبراهيم) * صفة بعد صفة - لأسوة - أو خبر بعد خبر - لكان - أو حال من المستكن في * (لكم) * على ما قيل، أو في * (حسنة) * ولم يجوز كون صلة * (أسوة) * بناءا على أنها مصدر، أو اسمه وهو إذا وصف لا يعمل مطلقا لضعف شبهه بالفعل، قيل: وإذا قلنا: إنها ليست مصدرا ولا اسمه، أو قلنا: إنه يغتفر عمله وإن وصف قبل العمل في الظرف للاتساع فيه جاز ذلك.
والظاهر أن المراد - بالذين معه - عليه السلام أتباعه المؤمنون لكن قال الطبري. وجماعة: المراد بهم الأنبياء الذين كانوا قريبا من عصره عليه وعليهم الصلاة والسلام لأنه عليه السلام لم يكن معه وقت مكافحته قومه وبراءته منهم أتباع مؤمنون كافحوهم معه وتبرءوا منهم، فقد روى أنه قال لسارة حين رحل إلى الشام مهاجرا من بلد نمروذ: ما على الأرض من يعبد الله تعالى غيري وغيرك، وأنت تعلم أنه لا يلزم وجود الاتباع المؤمنين في أول وقت المكافحة بل اللازم وجودهم ولو بعد، ولا شك في أنهم وجدوا بعد فليحمل من معه عليهم، ويكون التبري المحكي في قوله تعالى: * (إذ قالوا لقومهم إنا برءاؤا منكم) * الخ وقت وجودهم، * (وإذ) * قيل: ظرف لخبر * (كان) * والعامل الجار والمجرور أو المتعلق، أو - لكان - نفسها على ما مر، أو بدل من * (أسوة) * * (وبرآء) * جمع بريء كظريف وظرفاء. وقرأ الجحدري * (براء) * كظراف جمع ظريف أيضا، وقرأ أبو جعفر * (براء) * بضم الباء كتؤام وظؤار، وهو اسم جمع الواحد بريء وتوام وظئر، وقال الزمخشري: إن ذلك على إبدال الضم من الكسر كرخال بضم الراء جمع رخل، وتعقب بأنه ضم أصلي، والصيغة من أوزان أسماء الجموع، وليس ذلك جمع تكسير فتكون الضمة بدلا من الكسرة؛ ورويت هذه القراءة عن عيسى، قال أبو حاتم: زعموا أنه عيسى الهمداني وعنه * (براء) * على فعال كالذي في قوله تعالى: * (إنني براء مما تعبدون) * في الزخرف، وهو مصدر على فعال يوصف به المفرد وغيره، وتأكيد الجملة لمزيد الاعتناء بشأنها، أو لأن قومهم المشركين مستبعدون ذلك شاكون فيه حيث يحسبون أنفسهم على شيء وكأنهم استشعروا ذلك منهم فقالوا لهم: * (إنا برآء منكم) *.
* (ومما تعبدون من دون الله) * من الأصنام والكواكب وغيرها * (كفرنا بكم) * بان لقوله سبحانه: * (إنا برآء) * إلى آخره فهو على معنى كفرنا بكم وبما تعبدون من دون الله، ويكون المراد * (بكم) * القوم ومعبوديهم بتغليب المخاطبين، والكفر بذلك مجاز أو كناية عن عدم الاعتداد فكأنه قيل: إنا لا نعتد بشأنكم ولا بشأن آلهتكم وما أنتم عندنا على شيء.
وفي " الكشف " أن الأصل كفرنا بما تعبدون ثم كفرنا بكم وبما تعبدون لأن من كفر بما أتى به الشخص فقد كفر به، ثم اكتفى - بكفرنا بكم - لتضمنه الكفر بجميع ما أتوا به وما تلبسوا به لا سيما وقد تقدمه * (إنا برآء) * فسر بأنا لا نعتد الخ تنبيها على أنه تهكم بهم فإن ذلك لا يسمى كفرا لغة وعرفا وإنما هو اسم يقع على أدخل الأشياء في الاستهجان والذم، وما ذكرناه أقرب، وهو معنى ما في " الكشاف " دونه، وأما ما قيل: إن في الكلام معطوفا
(٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 ... » »»